ثم حدثت مسألة خلود النفس في أواخر القرن الخامس عشر وخاض فيها علماء إيطاليا، وكانوا يجدون في شروح ابن رشد لفلسفة أرسطو أن النفس خالدة بعد الموت، ولكن "بومبوتا" العالم المشهور أثبت من كتب "اسكندر دفروريزياس" الفيلسوف اليوناني الذي شرح أرسطو قبل ابن رشد، أنه لا خلود غير الخلود الإنساني النوعي في الأرض؛ فانشق العلماء وطار الجدال في هذه النازلة حتى انعقد مجمع لاتران في سنة ١٥١٢م وحرم كل من يقول بأن النفس غير خالدة، وبعد هذا الانتصار للفلسفة العربية طبعت كتب ابن رشد وطارت إلى أيدي طلابها والمعجبين بها من كل جهة؛ غير أن ذلك كان مبدأ للرجوع إلى النص اليوناني في فلسفة أرسطو، ثم انتبه العلماء إلى فائدة ذلك، ففي إبريل "نيسان" من سنة ١٤٩٧م صعد الأستاذ "نقولا ليونيكوس توموس" منبر التعليم في كلية بادو، وألقى أول مرة فلسفة أرسطو باللغة اليونانية؛ وما كاد أمره يذيع حتى أخذوا ينهضون في ذلك، ثم عادت بادو والبندقية وشمال إيطاليا إلى نص أرسطو، وعادت فلورنسا إلى نص أفلاطون؛ واستمر ذلك إلى أن ظهرت الفلسفة الطبيعية الحديثة في أواخر القرن السادس عشر، فأتت على الفلسفة العربية، حتى لم تجئ سنة ١٦٣١م حتى انقلبت تاريخًا يذكر بعد أن كانت علمًا ينشر، وذلك بوفاة آخر القائمين عليها في أوروبا وهو "قيصر كريمونيتي" المتوفى في تلك السنة.