تحدى القرآن أهل البيان في عبارات فارغة محرجة، ولهجة واجزة مرغمة، أن يأتوا بمثله أو سورة منه، فما فعلوا، ولو قدروا ما تأخروا، لشدة حرصهم على تكذيبه ومعارضته بكل ما ملكت أيمانهم، واتسع له إمكانهم.
هذا العجز الوضيع بعد ذاك التحدي الصارخ، هو أثر تلك القدرة الفائقة، وهذا السكوت الذليل بعد ذلك الاستفزاز الشامخ، هو أثر ذلك الكلام العزيز.
ولكن أقوامًا أنكروا هذه البداهة وحاولوا سترها, فجاء كتابكم "إعجاز القرآن" مصدقًا لآياتها، مكذبًا لإنكارهم، وأيد بلاغة القرآن وإعجازها بأدلة مشتقة من أسرارها، في بيان مستمد من روحها، كأنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم.
فلكم على الاجتهاد في وضعه والعناية بطبعه شكر المؤمنين، وأجر العاملين والاحترام الفائق.