٢ ابن حجر هو إمام الحفاظ في زمنه، انتهت إليه الرحلة والرياسة في الحديث، فلم يكن في الدنيا بأسرها من يذكر معه في ذلك، وتوفي سنة ٨٥٢هـ وأملى أكثر من ألف مجلس؛ وكانت سنة الإملاء في الحديث قد دثرت قبله أيضًا فأحياها حافظ عصره الإمام زين الدين العراقي المتوفى سنة ٨٠٦هـ وقد ابتدأ الإملاء من سنة ٧٩٦هـ. وهو أحد الخمسة الرؤساء الذين انفردوا في العالم العربي على رأس المائة الثامنة. وهم: العراقي هذا بالحديث، الشيخ سراج الدين البلقيني يفقه الشافعي، وشمس الدين الغماوي بالنحو والاطلاع على العلوم، ومجد الدين صاحب القاموس، باللغة؛ وسراج الدين بن الملقن بكثرة التصانيف والفقه في الحديث. وكان آخر من مات من هؤلاء الرؤساء، صاحب القاموس، فإنه توفي سنة ٨١٧هـ. ولم نعلم أحد جدد إملاء الحديث بمصر بعد السيوطي على سنة المتقدمين غير الزبيدي شارح القاموس المتوفى سنة ١٢٠٥هـ؛ أما إملاء اللغة فلم يبق له وجه بعد أن وضعت فيها المعاجم الواسعة، ولذا لم يشرع فيه أحد ولا يمكن أن يسمى ما يزاول من مثل ذلك إملاء بعد انقطاع الأسانيد. والله أعلم.