ابتدأت الفتن بعد هذا القرن تتقلب حتى ذل الأندلسيون سنة ٧٤١هـ حيث اتحد ملوك الأسبانيول وملك البرتغال على العرب فهزموهم، ثم عادوا ثانية مع ملوك إيطاليا واستولوا على الجزيرة الخضراء سنة ٧٤٣هـ ولم يبق في حوزة الأندلسيين إلا غرناطة؛ وكان بعد ذلك الزمن الذي انتهى بجلاء الأندلسيين في أوائل القرن العاشر؛ وفي كل هذه المدة كان ينبغ الشعراء والكتاب وأهل العلوم، إلا أن المشاهير منهم كانوا يعدون بالنسبة إلى ضعف الزمن وسفاهة التصرف، في إرث تلك الحضارة القديمة على قاعدة المثل السائر: واحد بالمائة، ورجل يفي بالفئة، وكانوا مع ذلك في الأغلب إنما يقلدون المعاصرين من أدباء المشرق، كالصفدي وغيره، فيتبعونهم في الصناعات اللفظية ونحوها، وكان لأكثرهم رحلة إلى هؤلاء، يجتمعون بهم ويأخذون عنهم، كما فعل ابن جابر صاحب "بديعية العميان"، ورفيقه الألبيري؛ وابن سعيد المغربي، وغيرهم، خصوصًا وقد كانت دولة الشعر قائمة يومئذ -في القرن السابع- بحضرة الناصر ملك الشام الذي ألبسها من عزه تاجًا، وأحلها من سمائه أبراجًا.
وممن نبغ في القرن السابع أبو جعفر أحمد بن طلحة الوزير الكاتب الذي كتب عن ولاة من بني عبد المؤمن، ثم استكتبه السلطان بن هود وقتل سنة ٦٣١هـ وهو مبدع في نثره وشعره معًا، وكان يرى نفسه فوق أبي تمام والبحتري والمتنبي؛ لأن أكثر مدارسة الشعر يومئذ كانت منصرفة إلى دواوين هؤلاء الثلاثة كما هي إلى اليوم، وكما تكون بعد اليوم إلى ما شاء الله؛ وابن سهل الإسرائيلي الشاعر الشهير المتوفى سنة ٦٤٩هـ، وابو المطرف بن عميرة الإمام الكاتب المتوفى سنة ٦٥٨هـ، وابن مرج الكحل الشاعر المتوفى سنة ٦٣٤هـ.
وكان من نابغي القرن الثامن ابن الجياب المتوفى ٧٤٩هـ. وأبو يحيى بن هذيل المتوفى سنة ٧٥٣هـ وسيأتي ذكره في فلاسفة الشعراء، [وأبو القاسم] ابن جزي المتوفى سنة ٧٥٠هـ وكلهم من