قصيدة امرئ القيس *:
خليلي مرا بي على أم جندب ... لتقضى لبانات الفؤاد المعذب
فإنكما إن تنظراني ساعة ... من الدهر تنفعني لدى أم جندب
ألم ترياني كلما جئت طارقًا ... وجدت بها طيبًا وإن لم تطيب
عقيلة أتراب لها لا دميمة ... ولا ذات خلق إن تأملت جانب
ألا ليت شعري كيف حادث وصلها ... وكيف تراعى وصلة المتغيب
أقامت على ما بيننا من مودة ... أميمة أم صارت لقول المخبب
فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها ... فإنك مما أحدثت بالمجرب
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن ... سوالك نقبًا بين حزمي شعبعب
علون بأنطاكية فوق عقمة ... كجرمة نخل أو كجنة يثرب
فلله عينا من رأى من تفرق ... أشت وأنأى من فراق المحصب
فريقان منهم جازع بطن نخلة ... وآخر منهم قاطع نجد كبكب
عيناك غربا جدول في مفاضة ... كمر الخليج في صفيح المصوب
وإنك لم يفخر عليك كفاخر ... ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب
ومرقبة لا يرفع الصوت عندها ... مضم جيوش غانمين وخيب
غزرت على أهوال أرض أحافها ... بجانب منفوح من الحشو شرحب
ودوية لا يهتدى لفلاتها ... بعرفان أعلام ولا ضوء كوكب
تلافيتها والبوم يدعو بها الصدى ... وقد ألبست أقراطها ثني غيهب
بمجفرة حرف كأن قتودها ... على أبلق الكشحين ليس بمغرب
يغرد بالأسحار في كل سدفة ... تغرد مياح الندامى المطرب
أقب رباع من حمير عماية ... يمج لعاع البقل في كل مشرب
بمحنية قد آزر الضال نبتها ... مجر جيوش غانمين وخيب
وقد أغتدي قبل الشروع بسابح ... أقب كيعفور الفلاة مجنب
بذي ميعة كأن أدنى سقاطه ... وتقريبه هونًا دآليل ثعلب
عظيم طويل مطمئن كأنه ... بأسفل ذي ماوان سرحة مرقب