للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم نعثر في كل ما وقفنا عليه على سند في إحدى الروايات يتصل بالجاهلية، وإنما وقفنا من ذلك على شيء لبعض الشعراء، كالذي نقله علي بن حمزة في كتاب "أغاليط الرواة" قال: إن رؤبة بن العجاج الراجز "توفي سنة ١٤٥هـ عن سن عالية" سئل عن قول امرئ القيس:

نطعنهم سلكى ومخلوجة ... كرك لامين على نابل١

فقال: حدثني أبي عن أبيه، قال: حدثتني عمتي وكات في بني درام، قالت: سألت امرأ القيس وهو يشرب طلى "خمرًا" له مع علقمة بن عبيدة: ما معنى قولك: كرك لامين؟ مررت بنابل وصاحبه يناوله، فما رأيت أسرع منه، فشبهت به.

وخبر آخر، وهو ما نقلوا عن حماد الراوية أنه قال: كانت للكميت "الشاعر المتوفى سنة ١٢٦هـ" جدتان أدركتا الجاهلية، فكانتا تصفان له البادية وأمورها، وتخبرانه بأخبار الناس في الجاهلية: فإذا شك في شعر أو خبر عرضه عليهما فتخبرانه عنه؛ فمن هناك كان علمه.

والله أعلم بأمر هاتين الروايتين وأين تقعان من الصحة.


١ اختلف علماء الشعر في شرح هذا البيت، حتى تحدث الأصمعي عن أبي عمرو وقال: كنت أسال منذ ثلاثين سنة عن هذا البيت فلم أجد أحدًا يعلمه، حتى رأيت أعرابيا بالبادية فسألته عنه ففسره لي.
ومعنى نطعنهم سلكى أي: طعنًا مستويًا، وقيل: السلكى: على القصد أمام وجهك، والمخلوجة: المعوجة عن يمين وشمال، والكر أي: الرد، واللامان: السهمان، والنابل: صاحب النبل.
وقال القتيبي: إنما هو "كر: كلامين" أي: تكرير كلام، بمعنى قول القائل للرامي، ارم ارم، أي: ليس بين الطعنة والطعنة إلا بمقدار اللفظتين، وقال زيد بن كندة: يريد أنه يطعن طعنتين مختلفتين ويوالي بينهما كما يوالي هذا القاتل بين هاتين الكلمتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>