للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض فصحاء العرب:

وقد عقد ابن مريم في كتابه "الفهرست" فصلًا لأسماء أولئك الفصحاء الذين أخذ عنهم الرواة ودارت أسماؤهم في كتب القوم وفي خطوط العلماء. ولا يذهبن عنك أن جميع الأعراب إنما كانوا في العراق، وكان قليل منهم في الحجاز؛ لأن الرواية كانت قائمة بأهل هذين الصقعين، وهم لا يقيمون لعلماء الشام وزنًا، ولا يوثقون روايتهم إن لم تكن من ناحيتهم، ولهذا قل أن تجد لعلماء ذلك الشرق أعرابًا معروفين يختصون بالأخذ عنهم. بيد أن الجاحظ في بعض رسائله قد ذكر اسم عكيم بن عكيم الحبشي، وقال فيه: "كان أفصح من العجاج، وكان علماء أهل الشام يأخذون عنه كما أخذ علماء أهل العراق عن المنتجع بن نبهان. وكان المنتجع سنديا وقع إلى البادية وهو صبي فخرج أفصح من رؤبة ا. هـ. ولم نقف على اسم أعرابي انفرد أهل الشام بالأخذ عنه وحاكوا به أهل العراق، غير عكيم هذا. والمنتجع بن نبهان كان في القرن الثاني.

وهذه أسماء المشهورين من أولئك الفصحاء، عن ابن النديم وغيره: الخثعمي، وكان راوية أهل الكوفة؛ وأبو خيرة العدوي؛ وأبو الدقيش؛ وكان من أفصح العرب؛ وأبو مهدية الأعرابي؛ وأبو المنتجع؛ وأبو البيداء الرياحي، وراويته أبو عدنان، وكان أبو البيداء حين نزل البصرة يعلم الصبيان بأجرة؛ وأبو طفيلة؛ وأبو حياة بن لقيط؛ والفقعسي محمد بن عبد الملك راوية بني أسد وصاحب مفاخرها وأخبارها، أدرك المنصور، وعنه أخذ العلماء مآثر بني أسد؛ وعبد الله بن عمرو أبي صبح، معاصر للفقعسي؛ وأبو مالك عمرو بن كركرة الأعرابي اللغوي صاحب النوادر، وكان يعلم في البادية ويورق في الحضر١؛ وأبو الجاموس ثور بن يزيد، وكان من أفصح الناس إنسانًا، وهو الذي أخذ عنه ابن المقفع الفصاحة وجرى في طريقته من البيان؛ وأبو سوار الغنوي؛ وأبو زياد الكلابي، قدم بغداد أياما المهدي فأقام بها، أربعين سنة؛ وأبو عرار العجلي؛ وأبو ثوابة الأسدي؛ وأبو ضمضم الكلابي؛ وعمرو بن عامر البهدلي، وقد أخذ عنه الأصمعي؛ وأبو شبل العقلي، وفد على الرشيد واتصل بالبرامكة؛ وأبو ثروان العكلي، وكان يعلم في البادية؛ وأبو فقعس؛ وأبو دثار؛ وأبو الجراح؛ وهؤلاء الأربعة هم الذين حكموا بين سيبويه والكسائي كما مر أبو العميثل؛ وعوسجة؛ وأبو مسهر الأعرابي؛ وأبو المضرحي؛ والحرمازي؛ وأبو الهيثم؛ وأبو المحبب الربقي؛ وأبو صاعد الكلابي؛ وأبو أدهم الكلابي؛ وأبو الصقر الكلابي؛ وأبو الصعق العدوي؛ والمفضل العنبري؛ ويزيد بن كثوة؛ وناهض بن ثومة الكلابي، وكان شاعرًا بدويا جافيًا كأنه من الوحش، وكان يقدم البصرة في منتصف القرن الثالث فيكتبون شعره ويأخذون عنه؛ وأبو السمح الطائي وهو ممن أحضر في أيام المعتز ليؤخذ عنه.


١ الغرض من التعليم في البادية، إقراء الأعراب بما يقيم لهم صلاتهم ويعرفهم الضروري من أمر دينهم؛ احتسابًا لا لأجر، ومن أقدم من وقفنا على أسمائهم من معلمي البادية: الحصين بن عبدة بن نعيم العدوي، كان في منتصف القرن الأول، وكان يعلم أعراب بني عدي. وصناعة الوراقة أو التوريق هي معاناة الانتساخ والتصحيح والضبط، وكان الوراقون من العلماء والأدباء، ولذا كانت الكتب القديمة آية في الصحة والضبط، كما قال ذلك ابن خلدون.

<<  <  ج: ص:  >  >>