للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاد العرب:

العربية شبه جزيرة موقعها إلى طرف الجنوب الغربي من قارة آسيا، ويحدها من الشمال سورية، ومن الشرق الفرات حتى مصبه في خليج العجم وجهة من بحر الهند، ومن الجنوب بحر الهند أيضًا، ومن الغرب البحر الأحمر، وكانوا يحدونها قديمًا بأنها من بحر القلزم "الأحمر" إلى بحر البصرة ومن أقصى الحجر١ باليمن إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم ولا تدخل فيها الشام؛ ثم يقسمونها معتبرين الأصل في ذلك جبل السراة الذي تبتدئ سلسلته في اليمن وتمتد شمالًا إلى أطراف بادية الشام، فتجعل العربية شطرين: عربيا وشرقيا، ينحدر هابطًا، فيسمونه لذلك: الغور وتهامة، ويرتفع الشرقي إلى أطراف العراق والسماوة، فيسمونه نجدًا -ومن هذا قولهم: أغار وأنجد- ويسمون ما فصل بين تهامة ونجد، بالحجاز؛ لأنه يحجز بينهما، ثم يسمون ما ينتهي به نجد في الشرق حتى يصل إلى خليج فارس من بلاد اليمامة والبحرين وعمان وما إليها بالعروض، لاعتراضها بين اليمن ونجد؛ ويسمون القسم الجنوبي مما وراء الحجاز، باليمن، لوقوعه عن يمين الكعبة إذا استقبلت المشرق.

فالعربية عندهم خمسة أقسام كبيرة؛ اليمن: وهو إلى الجنوب، يحده البحر من ثلاث جهات، ويحد من الجهة الرابعة بتهامة واليمامة والبحرين. ومن هذا القسم حضرموت وعمان والشحر ونجران.

وتهامة: وهي شمال اليمن وإلى شرق البحر الأحمر وغرب الحجاز.

والحجاز: وهو جبال انتثرت فيها المدن والقرى، وأشهر مدنه مكة والمدينة.

ونجد: وهو بين الحجاز والعراق العربي غربًا وشرقًا، وبين اليمامة والشام جنوبًا وشمالًا، وهذا القسم أطيب أرض في بلاد العرب، ولذا كانت بواديه من معادن الفصاحة.

واليمامة، وهي بين اليمن ونجد جنوبًا وشمالًا، وبين الحجاز والبحرين غربًا وشرقًا.

وأحسن ما انتهى إلينا مما هو خاص بوصف البلاد العربية على نحو عهدها الجاهلي، هو كتاب "صفة جزيرة العرب" للهمداني المعروف بابن الحائك المتوفى سنة ٣٣٤هـ، فقد رحل إليها ووصفها كما رآها واستقصى في ذلك وبالغ إلى حد التحقيق.


١ والحجر: في شمال الجزيرة، وهي ديار ثمود.

<<  <  ج: ص:  >  >>