والبنانية يقولون بإلهية علي، ولهم آراء، وليس في السخف أسخف منها، حتى إنهم ليزعموا أن الرعد صوت علي؛ وأن البرق ابتسامه؛ وأن السماء لا ترعد ولا تبرق إلا للهشاشة لهم والسلام عليهم "ولعل ذلك من برح الشوق أيضًا"، فكانوا إذا سمعوا الرعد قالوا: عليك السلام يا أمير المؤمنين. وفي بعض الكتب تجد اسم بنان هكذا: أبان بن سمعان؛ وهو تحريف، وقتله خالد بن عبد الله القسري؛ كما قتل الجعد بن درهم الذي أخذ عنه مقالته. أما خالد فتوفي سنة ١٢٦هـ رحمه الله وأثابه. وقد رأينا في "تأويل غريب الحديث" لابن قتيبة أن أول من قال بخلق القرآن قوم من الرافضة يقال لهم "البيانية" ينسبون إلى رجل يقال له "بيان" وأن هذا الرجل قال لهم: إلي أشار بقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} ولا ندري ما أصله، فإن الناس لا يسمون "بيانًا" في أسمائهم، ولعله تحريف مقصود للنكتة في الاستشهاد بالآية. ومثله كثير. ٢ هذه الأشياء إنما هي من إنكار الأخبار الواردة فيه؛ كتكليم الله موسى "عليه السلام" ونحوه، أما إنكار أشياء من القرآن نفسه على أنها ليست منه، فقد وقع لبعض الغلاة: كالعجاردة الذين ينسبون إلى عبد الكريم بن عجرد في أواخر المائة الأولى فإنهم ينكرون أن سورة يوسف من القرآن؛ لأنها قصة، زعموا. وقد عموا عن النظم والأسلوب وطابع الكلام، أما الرافضة "أخزاهم الله" فكانوا يزعمون أن القرآن بدل وغير وزيد فيه ونقص منه وحرف عن مواضعه وأن الأمة فعلت ذلك بالسنن أيضًا، وكل هذا من مزاعم شيخهم وعالمهم هشام بن الحكم، لأسباب لا محل لشرحها هنا، وتابعوه عليها جهلًا وحماقة.