الضياع وكان تحقيق الأعلام شيئًا يمكن استدراكه. على أني أحسب أن المؤلف رحمه الله لم يكن قد فرغ من تأليف الكتاب والبلوغ به المرحلة الأخيرة من مراحله في التأليف على ما وصفت في أول هذا البحث، فنقل كثيرًا من الأعلام كما هي في مراجعها ولم يفرغ من تحقيقها، وكذلك جاءت في هذا المطبوع. فهذه معاذيري أقدمها لعلها تكون شفيعًا عند الناقد المتصفح.
ولا يفوتني وأنا أكتب هذه المقدمة، أن أنوه بالمساعدة المشكورة التي أسداها إلي "أحمد ممدوح دسوقي أفندي" المدرس بوزارة المعارف فقد قام بنسخ الكتاب عن أصله المكتوب بخط المؤلف، وهو عناء فوق ما أصف، احتمله راضيًا لوجه العلم ووفاء بحق الرافعي على أهل الأدب وتقديرًا لأياديه.
ولا أختم هذا الحديث قبل أن أذكر ما وقفت عليه من تاريخ تأليف هذا الكتاب، فقد كنت أحسب أن ذلك كان بعد سنة ١٩١٢، أي: بعد الفراغ من إصدار الجزء الثاني، ولكني رأيت إشارات في بعض الفصول من هذا الجزء تدل على أن تأليفها كان قبل ذلك التاريخ "انظر التعليق في بحث "الشعر الحكمي" وبحث "الشعر الأخلاقي"" ولعله بدأ به مع الجزء الأول في منتصف سنة ١٩٠٩ ثم رتبه أجزاء وأبوابًا فنشر منه ما نشر وطوى ما طوى. ومما يرجح عندي هذا الظن، أن جزازات مما كتب عليها بعض مباحثه، هي "استمارات" استعارة كتب من المكتبة الخديوية وعليها تاريخ الاستعارة، ولا يكون ذلك إلا أن يكون تاريخ التأليف هو تاريخ الاستعارة. ومما يلذ أن أذكره هنا أن جزازة من هذه الجزازات هي تذكرة دعوة إلى عرس عليها تاريخها، قد اتخذ ظهرها للكتابة.
أما بعد، فهذا كتاب جديد قديم. أحسب أن قراء العربية كانوا في شوق إليه، فلعلهم إذ يقرءونه يجدون فيه -على قدمه- جديدًا كانوا يتشوفون إليه؛ فيذكرون مؤلفه بما بذل للعربية حيا وميتًا؛ فيدعون له دعوة ترطب ثراه، وتكون له شفاعة عند الله.