وخف ساذج، فقال له الرشيد: إياك أن تنشدني إلا وعليك عمامة عظيمة الكور "الطي" وخفان دمالقان فبكر عليه من الغد وقد تزيّا بزي الأعراب فأنشده.... "ج١: البيان" وكان الشاعر العربي ينشد في يوم الحفل وقد أخذ المخصرة بيده أو اتكأ على سية قوسه؛ وإذا فاخر جاثى خصمه والناس حولهما؛ وكذلك كان للخطيب زي خاص سنذكره في بحث الخطابة.
وكان زي حسان بن ثابت في خضابه، فكان يلوث شاربيه وعنفقته بالحناء دون سائر لحيته، فيبدو لأول وهلة كأنه أسد والغ في الدم "ص٣ ج٤: الأغاني". ومن أزياء الجاهلية وإن كانت في غير ما نحن بسبيله، أن فرسان العرب كانوا في أيام المواسم والجموع وأسواق العرب كعكاظ وذي المجاز وما أشبه ذلك، يتقنعون، وذلك زيهم، إلا ما كان من أبي سليط طريف بن تميم أحد بني عمرو بن جندب، فإنه كان لا يتقنع ولا يبالي أن يثبت عينه جميع فرسان العرب، وكانوا يكرهون أن يعرفوا، وربما أعلم الفارس نفسه بسيما، كريشة نعامة أو عمامة مصبغة "ج٢: البيان".
وكان من زي الكاهن أن لا يلبس المصبغ، والعراف لا يدع تذييل قميصه وسحب ردائه، والحكم لا يفارق الوبر "ج٢: البيان".
وكان الشعراء في أوائل الدولة العباسية يلبسون الوشي والمقطعات والأردية السود وكل الثوب مشهر، قال الجاحظ: وكان عندنا منذ نحو خمسين سنة شاعرًا يتزيا بزي الماضين وكان له برد أسود يلبسه في الصيف والشتاء "ج٢: البيان" وهذا يدل على أن ذلك الزي بطل في زمنه.
وقد اخترعوا في تلك الدولة أثواب المنادمة وهي خاصة بالشعراء والأدباء ولا تقييد لها بشكل خاص إلا ما يكون من الأصباغ والخلوق ونحو ذلك مما يستعان به على زيادة التبسط والانشراح، ولا يزال مثل ذلك في جهات العراق إلى اليوم؛ ومن هذه الثياب رداء يسمونه رداء الشرب، ويظهر أنه كان خاصًا بالشعراء في منادمة الملوك والأمراء، وقد وصفه ابن الحجاج من شعراء المهلبي بقوله:
أبيض الغزل فيه خط سواد ... مثل خط الرئيس في القرطاس