فلا بد أن يكون عبادة قد أخذ عنه مثال الإتقان في هذه الصنعة، وحينئذ يتعين أن لاختراع الموشح سببًا آخر غير كثرة الشعر وبلوغ الغاية في تنميقه، ونحن ذاكروه بعد، ولكنا ننقل هنا عبارة "الذخيرة" فإن فيها قولًا آخر في اختراع هذه الأوزان؛ قال ابن بسام في ترجمة عبادة:"كان في ذلك العصر شيخ الصناعة وأحكم الجماعة..... وكانت صنعة التوشيح التي نهج أهل الأندلس طريقتها ووصفوا حقيقتها غير مرقومة البرود، ولا منظومة العقود، فأقام عبادة هذا عمادها، وقوم ميلها وسنادها، فكأنها لم تسمع بالأندلس إلا منه، ولا أخذت إلا عنه، واشتهر بها اشتهارًا غلب على ذاته، وذهب بكثير من حسناته؛ وأول من صنع أوزان هذه الموشحات: محمد بن محمود المقبري الضرير، وقيل: إن ابن عبد ربه صاحب "العقد" أول من سبق إلى هذا النوع من الموشحات؛ ثم نشأ يوسف بن الرمادي؛ ثم نشأ عبادة هذا فأحدث التصفير، وذلك أنه اعتمد على مواضع الوقف في المراكز "ص١٩٩: فوات الوفيات".