للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبر طرح عبد الملك وإثباته موضوعًا أيضًا، خصوصًا وقد أغفله أبو زيد بن أبي الخطاب القرشي صاحب الجمهرة المتوفى سنة ١٧٠هـ، وابن الكلبي هذا هو الذي نقل عنه الوزير أبو بكر عاصم بن أيوب في شرحه ديوان امرئ القيس عند ذكر قصيدته المختارة أنه قال: إن أعراب كلب ينشدون هذه القصيدة لابن حذام "هو امرؤ القيس بن حذام" وذكره امرؤ القيس بن حجر في بعض شعره حيث يقول:

عوجا على الطلل المحيل لأننا ... نبكي الديار كما بكي ابن حذام

ويروي خذام بالخاء، وحزام بالزاي، وحمام. ويقال إن "لأننا" لغة في "لعلنا"؛ حكى الخليل أن بعض العرب يقول: ائت السوق أنك تشتري لنا سويقًا، أي: لعلك. وكان ابن حذام بكى الديار قبل امرئ القيس.

وقد أغفل ابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦هـ رواية ابن الكلبي بجملتها في كتابه "طبقات الشعراء"، ولم نر أحدًا ممن يوثق بروايتهم وعلمهم أشار إلى هذا التعليق ولا سمى تلك القصائد بهذا الاسم، كالجاحظ والمبرد وصاحب الجمهرة وصاحب الأغاني، مع أن جميعهم أوردوا في كتبهم نتفًا وأبياتًا منها، وقد ذكر أبو الفرج صاحب الأغاني المتوفى سنة ٣٥٦هـ أن عمرو بن كلثوم قام بقصيدته خطيبًا بسوق عكاظ، وقام بها في موسم مكة، فلو كان خبر التعليق صحيحًا لما ضره أن يقول، فكتبتها العرب وعلقتها على ركن من أركان الكعبة.

وقال ابن قتيبة في ترجمة طرفة: وهو أجودهم طويلة، يعني مختارته. وفي ترجمة عنترة، وكانت العرب تسميها الذهبية، ولكنه قال في ترجمة الحارث بن حلزة عند ذكر قصيدته: وهي من جيد شعر العرب، وإحدى السبع المعلقات؛ ولم ترد هذه اللفظة إلا في هذا الموضع، غير أن البغدادي نقل كلمة في "الخزانة" معزوة إليه وأسقط منها لفظة المعلقات "ص١١٩ ج١" فيكون ذكرها في طبقات ابن قتيبة زيادة من النساخ، لشهرة الكلمة في المتأخرين وارتباطها بهذا النعت.

والأسماء التي وردت بها تلك القصائد فيما لدينا من كتب الأدب والبيان واللغة إلى آخر القرن الثالث، هي: السبع الطوال، والسموط، والسبعيات؛ أما الأولى فهي تسمية حماد، وقد نقلها من الحديث $"أعطيت مكان التوراة السبع الطوال" وهي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف؛ واختلفوا في السابعة أنها يونس، أو يوسف، أو الكهف, وأما الثانية ففي "الجمهرة" عن المفضل أن امرأ القيس وزهيرًا والنابغة والأعشى ولبيدًا وعمرًا وطرفة، أصحاب السبع الطوال التي تسميها العرب السموط "ونقلها صاحب "العمدة": السمط، ونقلها عنه السيوطي في "المزهر""، فمن قال إن السبع لغيرهم فقد خالف ما أجمع عليه أهل العلم والمعرفة؛ فأسقط من أصحاب المعلقات عنترة والحارث بن حلزة، وأثبت الأعشى والنابغة؛ وهذا مما يدل على أن بين الرواة اختلافًا فيهم، فلو كان خبر التعليق صحيحًا لكان نصا في تعيين الأسماء.

وأصل التسمية بالسمط أو السموط، عن حماد أيضًا، ففي بعض أخباره قال: كانت العرب تعرض أشعارها على قريش، فما قبلوا منها كان مقبولًا، وما ردوا منها كان مردودًا، فقدم عليهم علقمة بن

<<  <  ج: ص:  >  >>