للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج٢: يتيمة الدهر" فقد ضمنه ما اتفق من ذلك لشعراء الشام والعراق والري وأصبهان وغيرها.

وقد جاء كتاب "الذخيرة" لابن بسام كالذيل على كتاب "الحدائق" لابن فرج، وهي موجودة؛ وفي عصرها صنف الفتح بن خاقان كتاب "القلائد"، ذكر فيه المعاصرين من الوزراء والكتاب والشعراء، ثم ألف "المطمح وهو نسختان: كبير وصغير، وهذا الأخير هو المطبوع في الآستانة ومصر، وقلما تنبه قارئوه إلى ذلك فلا يزالون يرمونه بالتقصير عن القلائد. ولم يلتزم الفتح في "المطمح" ما التزم في "القلائد"، بل أورد فيه مشاهير الأندلس من كل طبقة في كل عصر؛ ثم جاء أبو عمر بن الإمام من أهل المائة السادسة، فوضع كتابه "سمط الجمان وسفط المرجان"، ذكر فيه من أخلت "القلائد" و"الذخيرة" بتوفية حقه من الفضلاء، واستدرك من أدركه بعصره في بقية المائة السادسة، ثم ذيل عليه أبو بحر بن صفوان البرسي بكتاب "زاد المسافر"، ذكر فيه جماعة ممن أدرك المائة السابعة؛ ولابن هانئ اللخمي المتوفى سنة ٧٣٣هـ كتاب "الغرة الطالعة في شعراء المائة السابعة"، وقد مر بنا ذكر كتاب ابن خنيس، وكتاب شعراء ألبيرة الذي ألف للحكم المستنصر، وكتاب "الكتيبة الكامنة في أهل المائة الثامنة" للسان الدين بن الخطيب، وقد رأينا في "طبقات اللغويين والنحاة" للسيوطي في ترجمة ابن خنيس القرطبي المتوفى سنة ٣٤٣هـ أنه ألف كتابًا في شعراء الأندلس -إلى عهده- بلغ فيه الغاية "ص٦٧"؛ هذا إلى كتب أخرى لم تقيد بالتراجم ولا بالاختيار، وإنما استوعبت فنونًا كثيرة مما يحاضر به من الأدب والتاريخ ككتاب "المسهب١ في فضائل المغرب"، ألفه ستة أشخاص في ١١٥ سنة، آخرها سنة ٦٤٥هـ، وكتاب "فلك الأدب" لابن سعيد، من شعراء القرن السابع، وكان رحالة إلى المشرق، وهو صاحب كتاب "عنوان المرقصات" المطبوع في مصر؛ وقد ألف يحيى الخدج المرسي، وقد أدرك المائة السابعة، كتاب "الأغاني الأندلسية" على منزع كتاب أغاني أبي الفرج الأصبهاني؛ فلا بد أن يكون قد ألم فيه بتراجم طائفة كبيرة من مشهوري أدبائهم؛ ولمحمد بن عاصم النحوي، من علماء القرن الرابع، كتاب في طبقات الكتاب بالأندلس. ولو بقيت هذه الكتب جميعها لأمكن استخراج تاريخ واسع للأدب الأندلسي يشرق على الدنيا بذلك النور الذي أسدلت عليه حجب الغيب وترك مكانه في التاريخ فراغًا مظلمًا.

والأندلسيون يختارون من شعرائهم من يقابلون بهم طبقة بشار وحبيب والمتنبي، أي: الطبقة العالية من شعر الشام والعراق، ويعدون من هؤلاء الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي، وأحمد بن عبد الملك بن مروان, وابن دراج القسطلي، وأغلب بن شعيب، ومحمد بن شخيص، وأحمد بن فرج، وعبد الملك بن سعيد المرادي "ص ١٣٥ ج٢: نفح الطيب" فهذه هي الطبقة الثانية عندهم، والطبقة الأولى يقابلون بها جريرًا والفرزدق والأخطل ومن معهم، ويعدون منها أبا الأجرب جعونة بن الصمة، ويحيى الغزال وغيرهما، والطبقة الثالثة يقابلون بها سائر المولدين ممن لم يبلغ مبلغ أولئك في الاشتهار وبعد الصيت، وقد ذكرنا أسماء الكثيرين من فحولهم.


١ قالوا في صحة هذا الضبط إنه خاص بحالة الإكثار في صواب، وأما المسهب "بالفتح" على ما يقتضيه نصهم فهو على المكثر إطلاقه في لغو أو صواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>