للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأينا ياقوتًا يقول في ترجمة عمر بن جعفر الزعفراني: "إنه متخصص بمعرفة علم الشعر والقوافي والعروض، وله كتاب اللغات". ونهاية البيان ما ذكره ياقوت أيضًا في ترجمة أبي مالك الأعرابي الراوية المشهور، من أنه يقال إن أبا مالك هذا كان يحفظ لغات العرب. وقد فسر أبو الطيب اللغوي ذلك بأن المراد التوسع في الرواية والفتيا؛ لأن الأصمعي مثلًا كان يضيق ولا يجوز إلا أصح اللغات، وغيره كأبي مالك يتوسع في ذلك ولا يرى حرجًا في نقل ما شذ وندر -كما سيأتي في بحث الرواية- وقرأنا كذلك أن لكثير من الرواة: كأبي عبيدة، وأبي زيد، الأصمعي، والفراء، وغيرهم، مصنفات يتواردون جميعًا على تسميتها "بكتاب اللغات"؛ فهذا الإجماع دليل على تعيين المعنى وتحديده كما أسلفنا؛ ولكنا رأينا فيما استقريناه من أسماء المؤلفات، أن لحسين بن مهذب المصري اللغوي كتابًا سماه "كتاب السبب في حصر لغات العرب"؛ والذي يبادر الظن من معنى هذه التسمية -إن لم تكن لفظة "السبب" قد جيء بها للسجع- أن الكتاب يتناول الكلام عن تأثير القرآن في حصر اللغات وتغليب القرشية عليها؛ فإن كانت اللفظة للسجع فالكتاب في حصر ما يسمونه باللغات، من نحو المصنوع والضعيف والمنكر والمتروك والرديء والمذموم والحوشي والنوادر، إلى مثال ذلك مما بوب على أكثره السيوطي في "المزهر"، وهو نفس ما تواضعوا عليه من معنى "اللغات" كما علمت، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>