للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين يحدث القياس الخاطئ ثم يشيع ويدخل في متن اللغة يحدث التغير ثم يستتب، مثال ذلك في العربية أن كلمة «سراويل»، وهي للمفرد في الفارسية، تشبه صيغة من صيغ الجمع في العربية (فعاليل) فأخذ العرب يقيسونها على تلك الصيغة ويشتقون لها مفردًا قياسًا على ذلك الجمع، فيقولون «سروال»، (١) ومثل ذلك بالضبط ما حدث في الكلمة اليونانية Paradeisos فإنها مفرد، غير أن مشابهتها للجمع (فعاليل) جعل العرب يشتقون منها مفردًا، هو «فردوس»، وكذلك كلمة «كرونوس» Kronos في اليونانية، والكلمة الألمانية Groschen التي دخلت العربية بطريق التركية، هاتان الكلمتان مفردتان في لغتيهما، غير أنهما تشابهتا في العربية مع صيغة الجمع «فُعُول» فاشتُقَّ منها مفردان جديدان هما: «قرن» (من الزمان)، و «قرش» (من القروش)، (٢) وهكذا أيضًا دخلت كلمة Pea في الإنجليزية، فمنذ أربعمائة سنة كانت كلمة Pease تُستخدم بمعنى بازلاء سواء واحدة أو حزمة، ولكن بمرور الزمن افترض الناس أن Pease صيغة جمع واشتقوا منها مفردها فوُلِّدتْ كلمة Pea.

ويؤثر القياس أيضًا في تراكيب الجمل، فالنمط «فاعل - فعل - مفعول» في اللغة الأنجلوسكسونية كان ينطبق على العبارات الرئيسية فحسب بينما كان المفعول يسبق الفاعل في العبارات الفرعية أو التابعة، أما في الإنجليزية الحديثة فكلا الصنفين من العبارة يتخذ نفس النظام (فاعل - فعل - مفعول).

ليس من شأن القياس أن يخلق أنماطًا نحوية جديدة، إنما هو، ببساطة، يوسع نطاق نمط قائم بالفعل في اللغة، ثمة عمليات أخرى غير القياس تضطلع بدور أكثر جذرية فتخلق أنماطًا جديدة وتطمس أنماطًا قديمة، من ذلك أن العلاقة بين الفاعل والفعل في اللاتينية كانت تتمثل في نهايات إعرابية، ولم يكن لترتيب عناصر الجملة أهمية تذكر، أما في اللغات الرومانية الاشتقاق Romance Language فمثل هذه العلاقات تتمثل في ترتيب الكلمات، وفي اللغات الهندوأوروبية المبكرة كانت هناك ثلاث صيغ للجنوسة النحوية: المذكر Masculine والمؤنث Feminine والمحايد Neuter، وقد بقيت


(١) فتحي إمبابي: تحرير اللغة تحرير للعقل وإعادة منهجيته، في «قضايا معاصرة»، الكتاب ١٧ - ١٨، ١٩٩٧، ص ٢٨٣.
(٢) The Cambridge Encyclopedia of Language.David Crystal.، Cambridge University Press، ٢ nd Edition، ١٩٧٧، p. ٣٣٢.

<<  <   >  >>