للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«اقتنع» لأنها ينطبق عليها تعريف اسم المصدر، أو أنها مصدر للفعل قنع بمعنى رضي، فقد ذكرت المعاجم اقتنع بالشيء وقنع وتقنع، ومعنى هذا إمكانية استعمال الفعلين قنع واقتنع بالتبادل، وحيث صح هذا في الفعل صح كذلك في المصدر، وقد ذكرتها بعض المعاجم الحديث كالأساسي، والمنجد.» (١)

[هل «كذا» أم «كذا»؟]

يقولون: لا تقل هل كذا أم كذا؛ لأن «هل» لا تأتي بعدها «أم» المتصلة (وإنما تأتي بعدها «أو»).

هذه أيضًا قاعدة تعلمناها، وما أسهل تعلُّمها، فأورثتنا ثقلة في الأسلوب والتباسًا مجانيًا كان منه بد. أكتب: (٢) «هل معنى هذا أن نهادن أو ننتظر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا؟ وأكتب: «هل عندك طالبٌ أو طالبان؟»، «هل معك درهم أو دراهم؟»، «هل أستدعي محمدًا أو عليًّا ليساعدنا؟» … إلخ، فلا تدري أقصدت تعيين أحد الشيئين أم ألحقت أحدهما بالآخر وأردفته وماثلته!»

والحقيقة أن اللغة العربية ذاتها بريئة من اللبس هنا لأن الأصل أن تختص «هل» بطلب التصديق الإيجابي، فلا تستخدم لطلب تعيين أحد الشيئين؛ ولذا لا تقع بعدها «أم» المتصلة التي يطلب بها وبأداة الاستفهام التعيين؛ «وذلك لأن الهمزة هي الأصل في الاستفهام، قال الزمخشري في المفصل: «والهمزة أعم تصرفًا في بابها من أختها «هل»، تقول: أزيدٌ عندك أم عمرو؟» فإذا استعملنا حرف العطف «أم» للتعيين بعد الاستفهام وجب أن نستعمل معها همزة الاستفهام ولا نستعمل «هل»، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} … » (٣)

غير أن استعمال «هل» لطلب التعيين قد شاع وانتشر بحيث لا يمكن رده، ويستخدمون بعدها «أو» لتجنب الخطأ، ولكن «أو» توقع في الالتباس وهو الخطأ بعينه! ولا حل لهذه العقدة إلا باتباع «ما ذهب إليه بعض النحاة من أن «هل» قد تكون بمعنى


(١) يخطئ البعض هذا الاستعمال لأن «لعب» تعدى لمفعول بينما هو فعل لازم، وقد أجاز المجمع التعبير إما على أن «دورًا» مفعول مطلق، وإما على أنها مفعول به للفعل «لعب» المضمن معنى «أدى»، غير أن هذا الجانب من التصويب لا يعنينا في هذا المقام.
(٢) عباس محمود العقاد: أشتات مجتمعات في اللغة والأدب، دار المعارف، القاهرة، ط ٦، ١٩٨٨، ص ١٢١ - ١٢٢.
(٣) معجم الصواب اللغوي، ج ١، ص ٦١٠.

<<  <   >  >>