للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العارفين بمعانيه؛ لأن أصل المادة عندهم يشمل «الاشتغال» ويشمل «الحركة» التي تحمل الإنسان وراء مشيئته، ومنها جاءت حركة الرقص وحركات اللعب والطرب، وأشباه هذه الحركات التي تدخل فيها حركة اللعب الهازل وغير الهازل، ولكن الأصل في مادة «اللعب عندما يرجع إلى المهازل الصبيانية ويأتي، على ما نرجح، من قولهم «لعب الصبي أي سال لعابه» ولعب فلان أي صنع صنيع الصبيان، وليست الكلمة على معنًى من معانيها الأصلية أو الطارئة بالتي تصلح للاقتران بمعاني التقديس ومعاني الخطر والتعظيم.» (١)

كتب الأستاذ العقاد رحمه الله هذا الكلام منذ أكثر من نصف قرن، وقد كان على حق في وقته، غير أن نصف قرن من السنين حدثت فيه تحولات وجرت مياهٌ كثيرة، وتطورت دلالة «اللعب» تطورًا عظيمًا، وأصبحت في جميع الثقافات معادلًا للأداء والممارسة، واتشحت بوشاح «الجد»، ودخل أنالوجي (مماثلة) «اللعب» في نظريات فلسفية كثيرة، وحتى الألعاب الرياضية أصبحت مؤسسات محلية ودولية هائلة، لديها تمويلات طائلة وفعاليات خطيرة.

[قناعة]

لديه قناعة بهذا الموضوع.

هذا شيء لا يمس قناعاته.

هذه أيضًا لفظة راجت كثيرًا في أحاديث المثقفين ومناقشاتهم بمعنى الرأي الذي يقبله المرء ويضمره ويتبناه، ويخطِّئها البعض لأن هذا المعنى يختلف عن معنى القناعة في العربية، وكلُّنا يعرف «القناعة» ويعرف أنها كنزٌ لا يفنى؛ ولهذا السبب نفسه فإن بوسعنا أن نتبنى الاستعمال الجديد ونحن بمأمن من اللبس؛ فالكلمة حقًّا مرنة لينة أسيلة، وجمعها خفيف سائغ (قناعات Convictions)، وهي حقًّا مسعفة وسعيدة في سياقات كثيرة، وما هكذا ضرتها الثقيلة «اقتناع».

هذا من جهة الوظيفة الدلالية والجمالية، فماذا عن الصواب المعجمي؟ «عندي قناعة بالموضوع» صحيحة: يمكن تخريج العبارة على أن «قناعة» اسم مصدر للفعل


(١) معجم الصواب اللغوي، ج ١، ص ٣٨٩.

<<  <   >  >>