للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُقدِّمة

سيكون هذا الخيط وصْل ما بينك وبين الماضي فعُدْ إليه، عُد إلى نفسك؛ فلا شيء ينشأ من لا شيء، ولن يعتمد مستقبل أمرك إلا على ماضيك الذي كنتَ فيه، وحاضرك الذي أنت عليه.

أندريه جيد: ثيسيوس

تُعاني الفصحى هذه الأيام وهنًا وذبولًا لم يعد محلَّ جدال؛ فالرَّكاكة أصبحت ظاهرةً عامة ومناخًا شاملًا، واللحن في مبادئ اللغة أصبح قاسمًا مشتركًا، لا بين عامة الناس فحسب، بل بين خاصة الأساتذة والإعلاميين والأدباء! وإنَّ لغةً تستعصي على سدنتها وأحبارها لهي لغةٌ تفقد طبيعة اللغة ووظيفتها، وتستحق من الجميع وقفةً للتدبر والمراجعة والتمحيص.

العربية لغةٌ كأي لغة، تجري عليها نواميس اللغات، وتخضع لقوانين علم اللغة العام، غير أنها في ذلك تقف حالةً خاصةً بين اللغات ونسيج وحدها؛ فهي أعرضُ اللغات متنًا وأطولها عمرًا، العربية لغةٌ جسيمةٌ هائلة الجِرم؛ لأسبابٍ حتمت ذلك:

أولًا: أنَّها في الأصل ليست (بمعنًى ما) لغةً واحدة، بل هي المجموع الجبري للغة العربية المشتركة ولهجات القبائل الموثقة. (١)


(١) يقول د. محمد كامل حسين: « … ذلك أنَّ اللغويين جمعوا كل ما سمعوه من العرب على اختلاف قبائلهم ولهجاتهم، وسموا ذلك كله اللغة العربية، وهي مجموعة لغات تتفق في أمور كثيرة وتختلف في أمور كثيرة» (مجلة مجمع اللغة العربية، ج ٢٢، القاهرة، ١٣٨٧ هـ/ ١٩٦٧ م).

<<  <   >  >>