للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي يتعلم بها أبناؤنا العربية فإني أراها مقلوبةً لأنها تبدأ بما يجب الانتهاء إليه.»

ويعلق على طريقته المقترحة فيقول: «والطريقة التي أشير بها تجعل العربية سليقة على خلاف ما هو حاصل الآن، فإن أبناءنا يتعلمون العربية كما يتعلمون الإنجليزية أو أية لغة أجنبية أخرى لا يشعرون بصلة بينها وبين نفوسهم، وكثيرًا ما يتفق أن يخرج التلميذ وهو أعرف باللغة الأجنبية منه بالعربية، وليس بعد هذا فشلٌ والعياذ بالله.» (١)

تعليم اللغة باستعمالها. تمامًا مثلما يتعلم الطفل لغة الحياة، وهي تطرق سمعه آناء الليل وأطراف النهار فيقلِّدها ويحاكيها، وكم ذا يقع في التعثر و «القياس الخاطئ» فيقوم بإعادة الصواب على سمعه وليس بتلقينه قاعدةً صماء، وهكذا ينبغي أن يكون تعليم العربية بالمدارس: أن يقرأ التلميذ ويقرأ، ويسمع ويستمع، ويجول مستطلعًا دهشًا في النصوص الشائقة الممتعة. أن يبدأ بكل ما هو وظيفي تطبيقي عملي، ثم تأتي القواعد والأصول في المحل الثاني، ويأتي التنظير والحكمة في المرحلة الآخرة (مثل بومة منرفا لا تشرع في التحليق إلا عندما يحل الغسق)، هكذا تواتيه القاعدة وتسقط في يده كتفاحةٍ ناضجة، فيراها بعينيه بعد أن كان يراها بأشواقه.

[«معرفة أن» و «معرفة كيف»]

ثمة تمييز شهير في نظرية المعرفة بين «معرفة أن» Knowing that و «معرفة كيف» Knowing how، «فأن نعرف كيف نقود سيارة أو كيف نخبز كعكة الأناناس المقلوبة، أو كيف نقف على أيدينا؛ تلك معرفة كيف، أو المعرفة كمهارةٍ أو مقدرة، ونحن عادة ما نعجز عن أن نعبر عنها بالألفاظ، فمثل تلك المعرفة تُعلَّم بالتمثيل لا بالكلام، ويطلق على المعرفة حين نعني بها «معرفة أن» اسم «معرفة قَضَوية» Propositional Knowledge، ومن المفترض عامة أن المعرفة القضوية يمكن أن يعبر عنها لفظيًّا تعبيرًا تامًّا، بعكس «معرفة كيف»(٢)


(١) المصدر السابق، ص ١٩١ - ١٩٢.
(٢) William James Earle، An Introduction to Philosophy، p. ٢٣.

<<  <   >  >>