للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول أ. إبراهيم اللبان عضو المجمع اللغوي: « … ويهمني أن أشير إلى حلٍّ خاص كرجل اشتغل بالتعليم في مصر وخارجها، وفي الشرق وفي إنجلترا: ذلك أن اللغة عادة؛ عادة لسانية، وعلماء النفس يقولون إن العادة تتكون بالتكرار؛ لذلك يجب أن يعاد النظر في أمر تعليم اللغة العربية، فهذا التعليم إذا اتجه إلى تكوين العادات المثالية بكل عناية أمكن تذليل الكثير من العقبات.» (مجلة المجمع، ج ١٥، ص ٨٠)

وفي كتابه «مشكلة اللغة العربية» يقترح الأستاذ محمد عرفة إلغاء تعليم القواعد في المدارس الابتدائية، والتشديد على تعلم اللغة بالتكرار، والحفظ، والإكثار من المطالعة، وحفظ الكثير من أدب العرب. (١)

وللأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني حديثٌ شائق عن قصته مع النحو، يخلص منها إلى ضرورة تعليم اللغة كسليقة لا كعلمٍ منفصل. والمازني من أساتذة النثر العربي في كل العصور، وهو شاعر أيضًا ومؤسس مدرسة شعرية (مدرسة الديوان مع رفيقيه العقاد وشكري). يقول المازني: «كنت أقرأ ورقة الأسئلة (في الامتحان) وأترك النحو إلى آخر الوقت ثم أتناوله وأروح أجمع طائفة من الأمثلة أستخلص منها القاعدة فأجعل هذا جوابي. هذه كانت طريقتي، وقد استغنيت بها عن حفظ ما في كتب النحو، وأراني الآن أصبحت كاتبًا، وكنت في زماني شاعرًا كذلك، وقد وسعني هذا وذاك بغير معونة النحو!» (٢) ويحدثنا المازني عن الأسئلة التي كانت توجه إليه في الامتحانات الشفهية فيقول: «وشرع يسألني عن كلمة (العدوان) ما فعلها الثلاثي؟ ولماذا يقال اعتدَيا بفتح الدال للماضي واعتديا بكسرها للأمر؟ فلم أعرف لهذا جوابًا؛ فقلت هكذا نطق العرب وعنهم أخذنا. فألحَّ في طلب الجواب المُرضي؛ فقلت إن اللغة نشأت قبل القواعد، وأنا أنطق وأكتب وأقرأ كما كان العرب يفعلون من غير أن يعرفوا قاعدةً أو حُكمًا، فساءه جوابي ونهرني … » ويقترح المازني أن تحل قراءة الأدب العربي محل النحو، وأن يتم وضع مختارات صالحة لكل سن، وإذا كان لا بد من النحو فليكن ذلك عرضًا وأثناء القراءة وعلى سبيل الشرح وللاستعانة به على الفهم، وعلى ألا يكون ذلك درسًا مستقلًّا يؤدَّى فيه امتحان. وينتقل المازني إلى نقد طريقة تدريس العربية فيقول: «أما الطريقة


(١) محمد عرفة: مشكلة اللغة العربية، مطبعة الرسالة، القاهرة، بدون تاريخ، ص ٥١ وما بعدها.
(٢) إبراهيم عبد القادر المازني: أحاديث المازني، الدار القومية للطباعة والنشر، ١٩٦١، عن كتاب د. أحمد شفيق الخطيب: قراءات في علم اللغة، دار النشر للجامعات، القاهرة، ص ١٩١.

<<  <   >  >>