للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الطالب - في هذا كله - حين نجد الطالب ملجم اللسان يعجز عن النقاش ويحجم عن الاستفسار أو الإجابة.» (١)

«واللغة ليست أمرًا ثانويًّا في حياة الإنسان، أو مجرد أداة تواصل في مجتمعه، بل هي قوام فكره وخياله ووجدانه، وصيغة قيمه وعقائده، ودراسة العلوم بلغةٍ أجنبية تضفي هذا الوصف (الأجنبي) على العلوم نفسها، فما يحس الطالب إحساسًا عميقًا بأنها شيء ينتمي إليه أو إلى بني قومه، بل إنها أقحمت على ذاكرته وفكره إقحامًا، فآثارها سرعان ما تزول، وحتى إذا احتاج الخريج إلى استعمال ما تعلم استعمله فنيًّا ومهنيًّا، ولا يكون العلم والأسلوب العلمي جزءًا عضويًّا من كيانه الفكري والسلوكي.» (٢)

«ومما يساق من الاعتراضات أن الإنجليزية تتخذ لغةً لتدريس العلوم لأنها توفر لقارئها مددًا غنيًّا من المراجع، فضلًا عن مصادر المعلومات الأخرى. ولكننا إذا تأملنا واقع الحال وجدنا أن اللغة الإنجليزية تصبح - لقدرة الطالب المحدودة فيها - أغلالًا يرسف فيها الطالب مقيَّدًا في متنٍ واحدٍ ضيق، حاول أستاذه جاهدًا أن يذلِّله له، ولا تمكنه قدراته اللغوية من ارتياد سواه، وعلى نقيض ذلك تمامًا لن تكون اللغة عائقًا أمامه للاستزادة من مراجع متعددة باللغة العربية لو أنه تعلم بها.» (٣)

[(٢ - ٢) شهادة التاريخ للعربية]

لقد سجَّل التاريخ للعربية كفاءتها التامة للوفاء بمتطلبات العلم والحضارة، ولدينا شاهدا عدل فوق مظنة التحيز، أولهما الدكتور G.A.Russell (١٩٨١) الأستاذ بمعهد ولكوم لتاريخ الطب في لندن، في معجمٍ حديث لتاريخ العلوم باللغة الإنجليزية. فبعد أن استعرض الأستاذ المعالم الجوهرية للعلم الإسلامي قال ما ترجمته: « … وكانت العربية هي أداة هذا النشاط العلمي كله، فلما كانت اللغة العربية لغة القرآن أصبح لها أهمية خاصة في الإسلام، بيد أن طبيعة اللغة العربية نفسها هي التي قامت بالدور الحاسم،


(١) أزمة التعريب، ص ١٤٩ - ١٥٠.
(٢) مديحة دوس: رأي في تدريس المواد العلمية باللغة الأجنبية في مدارس اللغات، قضايا فكرية، الكتاب ١٧ - ١٨، ١٩٩٧، ص ١٠١.
(٣) في التعريب والتغريب، ص ٩٣ - ٩٤.

<<  <   >  >>