(٢) يقول د. عبد الصبور شاهين في كتابه «في علم اللغة العام»: «فاللغة العربية هنا (عند الجاحظ) هي وحي من عند الله لتكون معجزة ودليلًا على نبوة إسماعيل، وهذا التصوير الميتافيزيقي العجيب من رجل كالجاحظ هو الذي يعكس لنا تفكير القدماء في نشأة اللغة أصلًا، حيث كانوا يعتقدون أن ذلك التكوين الغريب المذهل (أي اللغة) لا يمكن أن يكون نتيجة صنع الإنسان؛ فمن المؤكد أن الإنسان آنذاك لم يكن جديرًا في نظرهم بأن يُخلَع عليه هذا الشرف؛ وذلك لنقص فكرتهم عن كفاح الإنسان عبر القرون، مئاتها، بل آلافها؛ إذ كان التاريخ من بدايته عندهم لا يتعدى بضعة آلاف من السنين على حين تؤكد بحوث علم الإنسان، وبحوث الجيولوجيا أن الحياة الإنسانية على ظهر الأرض لا يقل عمرها عن مليونين ونصف المليون من السنين» (في علم اللغة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٩٨٨، ص ٦٩ - ٧٠).