للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمعنى التعدية. وهذه الألفاظ جارية على ألسنة الفقهاء وليس لها ذكر في الكتب المشهورة لكنها موافقة لما تقدم. وبناء على هذا يصح قولهم: تسري الأوامر على الجميع.» (١)

[استضاف]

يقولون: لا تقل «يستضيف البرنامج الأستاذ … »، أو «استضافت القاهرة أعضاء المؤتمر»؛ لأن «استضاف» في العربية تعني: طلب من غيره أن ينزله عنده ضيفًا، أي طلب الضيافة، أو طلب أن يُضيَّف. يقول ابن المقفع: «إن استضافك ضيفٌ وأنت لا تعرف أخلاقه فلا تأمنه على نفسك.»

وتفيد صيغة «استفعل» في العربية معاني كثيرة أهمها الطلب: مثل استغفر اللهَ أي طلب غفرانه، ومثل استطعم واستكتب واستفتى واستعطف … إلخ، وإذا كان الطلب من جانب الضيف هو السائد في الثقافة العربية بحكم الظروف البيئية فلقد تبدلت أشكال الحياة وأصبح المضيف هو الذي يطلب الضيف، الطلب إذن ذو اتجاهين: فقد يكون من الضيف إلى المُضيف، وقد يكون من المُضيف إلى الضيف، أي من المضيف إذ يطلب ضيافة الغير عنده، أي «يستضيفه»؛ وعليه يجوز أن «يستضيف البرنامج الأستاذ … »، وأن «تستضيف القاهرة أعضاء المؤتمر».

[استبدل ب]

يقولون: لا تقل «أبدل ثوبه القديم بثوبٍ جديد» لأن الباء تدخل على المتروك، والحق أن هذه القاعدة مطردة إلى حد كبير، كما في قوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} (البقرة: ٦١)، وينبغي الالتزام بها منعًا للبس، غير أنه في بعض الأحيان قد يحكم السياق بترك القاعدة دون تضحية بالوضوح والإبانة. فحين قال شوقي: «أنا من بدل بالكتب الصحابا» لم يحدث أي لبس من جراء هذه الرخصة التي هلل لها بعض مناوئيه، وإن المتلقي ليدرك قصده مبرأ من أي التباس. وفي كتابه «مشكلات حياتنا اللغوية» يقول الأستاذ أمين الخولي: « … أن بعض أهل القاهرة كان استخشن نطق القاف فأبدله بالهمزة»، ولا نحسب أن في تعبير الخولي أي لبس، وهذا هو المحك اللغوي


(١) اللغة الشاعرة، ص ١٢.

<<  <   >  >>