للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثامن

تعريب العلم

تعليم الأمة بلغتها ينقل العلم بكليته إليها، أما تعليمها إياه بلغة غيرها فإنه ينقل أفرادًا منها إلى العلم.

الشيخ علي يوسف

تعليم المرء بغير لغته أمرٌ شاذٌّ بالغ الشذوذ، ومضاد لطبيعة الأشياء، ومضاد للبيولوجيا، ولا تلجأ إليه الأمم إلا اضطراريًّا، ومرحليًّا. ليس في العالم، شرقه وغربه، أمةٌ تُعلِّم العلم بغير لغتها القومية، باستثناء شعوبٍ بدائية اللغة كالغجر والإسكيمو والأفريقيين، وشعوبٍ متعددة اللغات كالهنود. جميع دول العالم على اختلاف حجمها، وتعدادها، وعائلتها اللغوية، ودرجة تقدمها، تُعلِّم العلم بلغتها: ألبانيا، تركيا، بلغاريا، هولندا، فنلندا، اليونان، إيطاليا، روسيا، الصين، كوريا، اليابان، إيران، إسرائيل … «يروي د. إسحاق الفرحان عضو مجمع اللغة العربية الأردني أنه كان بصحبة وزير التربية الأردني يحضران حفلًا للسفارة الكورية في عمان، فسأل وزيرُ التربية السفيرَ الكوري: بأي لغة تدرسون الطب والهندسة والعلوم في بلادكم؟ فلم يجبه السفير، ولما كررتُ عليه أنا السؤال نظر إليَّ السفير قائلًا: وهل هذا سؤالٌ يُسأل؟ بالكورية طبعًا!» (١)

لم يفهم الرجل السؤال أول مرة، وظن أن في الأمر «لعبة»؛ فالسؤال غريبٌ عنده غرابة التعريب عندنا! لقد نشأنا نرى العلم يُدَّرس عندنا بالإنجليزية فحَسبْنا ذلك أمرًا طبيعيًّا، وما هو بالطبيعي، وإنما «أعمانا الإلف فلم نعد نرى في الغريب غرابته»


(١) د. محمود فوزي المناوي: أزمة التعريب، مركز الأهرام للترجمة والنشر، ٢٠٠٣، ص ٤٤.

<<  <   >  >>