للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي سبقت الإشارة إليه في حديثنا عن المعايير التي يستند إليها المخطئون، تحت العنوان الفرعي «اللحن».

[نوايا]

يقولون: لا تقل «نوايا»، والصواب «نيات»، وأقول: نعم، جمع «نية» على «نوايا» فيه شذوذ ولم تقل به العرب، ولكن «نوايا» شائعة وسلسة (نفترض حسن النوايا) وميزانها الصرفي والعروضي مختلف عن «نيات»، فلماذا نتنازل عنها وهي تزيد من ثراء العربية التعبيري والموسيقي، لماذا نقطع هذه النبتة اللفظية الجميلة؟

وهنا أيضًا لا يتخلى عنا المجمع، فقد أجاز جمع «نية» على «نوايا» حملًا لها على «طوايا» في جمع «طَوِيَّة» التي ترتبط بكلمة «نية» في الدلالة، وحملًا أيضًا على نظائر أخرى كثيرة جمعت فيها «فِعْلَة» على «فعائل»، وقد أجاز عددٌ من المعاجم الحديثة هذا الجمع كالأساسي والمنجد.» (١)

[صدفة]

يقولون: لا تقل «قابلته صدفةً»، والصواب «مصادفة»؛ لأن «صدفة» لم ترد عن العرب، و «صادفه» وجده أو لقيه أو قابله، وهي لا تحمل معنى المفاجأة، تقول «صادف نجاحًا عظيمًا» أي لقي نجاحًا وإن كان متوقعًا، واستخدامها بمعنى اللقاء على غير موعد هو استخدام جديد مولَّد، أما الفعل «صَدَفَه» فمعناه «صَرَفَه»، و «صَدَفَ» عنه: أعرض، وصَدَفَه عن كذا أي أمال وعدل به «وفي الذكر الحكيم: {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} (الأنعام: ١٥٧)، أي: يُعرِضون.»

هذه النبتة أيضًا لماذا نقطعها؟ اللفظة خفيفة على اللسان (وأخف ظلًّا من ضرتها وأسلس نغمًا)، (٢) شائعة مستتبة، محكية رائجة، ودلالتها مهمة كثيرة التوارد، وبمأمنٍ تام من اللبس، وفي تفصيحها تقريب حميد بين العامية والفصحى نريد أن نستنَّه.


(١) الخصائص، ج ١، ص ٣٨٧، وينسب هذا القول إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٢) أمين الخولي: دراسات لغوية، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، ١٩٦٦، ص ١٢٦.

<<  <   >  >>