للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرن هو أنها وضعت أحدث النظريات التطبيقية في الصناعة الأمريكية والأوروبية بين أيدي العمال والفنيين في اليابان بلغتهم القومية.» (١)

وللدكتور عبد الملك عبد الرحمن أبو عوف تجربةٌ تستحق التسجيل، فقد اضطر عندما انتدب إلى جامعة دمشق أن يدرس الكيمياء العضوية باللغة العربية، فاستطاع أن يفعل ذلك بعد أسابيع، ثم قارن بين عمله في القاهرة وفي دمشق في قوله: «وما أحب أن أركز عليه … هو حسن النتائج التي أحرزها الطلاب مقارنة بنتائج كلية الصيدلة بالقاهرة، وضخامة التحصيل وحسن الاستيعاب الذي توصلوا إليه؛ لأن الطالب هناك كان يفهم دقائق الموضوع؛ مما كان يتيح له فرصة استيعاب قدرٍ أكبر من معلومات المادة المعطاة، فتفهم الطالب للغة المحاضرة والشرح كان يعفيه من بذل مجهودٍ مضاعف ينصرف نصفه لفهم اللغة والتعرف على المفردات الصعبة في اللغة الجنبية التي يدرس بها، وذلك مهما تحرز المحاضر وتبسط، وينصرف النصف الآخر من الجهد لاستيعاب المادة نفسها، فضلًا عما يعتري ذهن الطالب أحيانًا من غموضٍ في المعنى أو نقصٍ فيه، يختل معه بناء المعلومات أو تنقل إليه بغير الصورة المقصودة من المحاضر والمتفقة مع حقائق العلم الذي يدرسه الطالب. ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعداه إلى قطع الصلة بين الأستاذ والطالب، فإن كثيرًا من الطلبة يخشون ألا يستطيعوا التعبير عما يريدون أمام أساتذتهم وزملائهم، فيمتنعون عن السؤال والمناقشة، ولو كانت العربية أداة التعليم ما وقع هذا، ويزيد هذا الأمر سوءًا الأعداد الغفيرة التي تمتلئ بها الجامعات العربية، وتجعل التفاهم بلغةٍ أجنبية قريبًا من المحال.» (٢)

[(٢ - ١) اللغة الأجنبية تشجع الحفظ دون الفهم]

تتساءل الأستاذة مديحة دوس أستاذة اللغة الفرنسية: «كيف يمكن لطفل في السادسة أو السابعة من عمره أن يحصل على معلومات علمية بلغة أجنبية لم يكن قد اكتسبها بعد؟ هل يمكن أن يصل إلى المعلومات فهمه وإدراكه من خلال لغة لا يملك منها إلا


(١) ليلى الشربيني: اللغة العربية وأدوات العصر، قضايا معاصرة، الكتاب ١٧ - ١٨، ١٩٩٧، ص ٩٣.
(٢) محمود فوزي المناوي: في التعريب والتغريب، مركز الأهرام للترجمة والنشر، ٢٠٠٥، ص ٨٣.

<<  <   >  >>