وشدد التقرير على ضرورة تعليم التلاميذ في المراحل المدرسية الأولى بلغتهم الوطنية؛ لأنهم يفهمون تلك اللغة ويتقنونها أكثر من غيرها. يقول د. عبد الحافظ حلمي العميد الأسبق لكلية العلوم بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية لتعريب العلوم وعضو مجمع اللغة العربية:«إن تعريب لغة العلوم في بلادنا تعليمًا وتثقيفًا قضيةٌ بالغة الخطر، وتنبع أهميتها من الدور الجوهري الذي يؤديه العلم واللغة في حياة الأفراد والأمم. والدعوة لتعريب العلوم مطلب قومي، والدافع لذلك أمران: «ضروراتٌ ملزمة» و «منافع مؤكدة» ويقف في سبيلهما «اعتراضات مفنَّدة» و «تسويفاتٌ مفتعلة». ويشير د. عبد الحافظ حلمي إلى أن المشكلة في العالم العربي في المعاهد والجامعات التي ما زال العلم يدرس فيها بلغاتٍ أجنبية، وهذا يؤثر سلبيًّا على المستوى العلمي للطلاب فنجدهم في مواقف النقاش العلمي مُلجَمي اللسان ومحجمين عن السؤال والجواب، هذا في الوقت الذي نجد فيه مزايا متعددة حين نعلِّم أبناءنا باللغة العربية، كما تفعل أممٌ أخرى حين تعلِّم أبناءها بلغتها الأصلية، ومن هذه المزايا جعل عملية التعليم عند الطالب أقرب إلى التمثيل البيولوجي الصحيح للغذاء، ويحيل العلم جزءًا من صحيح بنائه الذهني، له آثارٌ أبقى وأقوى وأعمق، فتتجمع عنده أدوات المقدرة على التحليل والمناقشة والنقد والفهم الدقيق، وكذلك يصبح تعلم العلم عنده معرفةً وثقافة، فضلًا عن كونه تخصصًا أو مهنة، ومن تعلم بالعربية سوف يكون قادرًا على أن يعلِّم بالعربية ويمارس عمله ويفكر بها.» (١)
وخير مثال على ما نقول: تجربة اليابان في ترجمة العلوم إلى اليابانية وتعليمها العلم بلغتها الوطنية، لقد بدأت اليابان نهضتها في القرن التاسع عشر، بعدنا بعدة عقود، واستطاعت أن تحدث طفرةً صناعية كبرى خلال نصف قرن، واستطاعت بعد الحرب العالمية الثانية أن تقوم من كبوتها في زمن قياسي، ذلك أن اليابان وضعت بين أيدي عمالها وفنييها أحدث النظريات التطبيقية في الصناعة الأمريكية والأوروبية بلغتهم القومية. جاء في تقرير المجلس القومي للثقافة والفنون والآداب والإعلام ٢٠٠٤: «إن الموازنة بين بداية التعليم العالي والنهضة الحديثة في مصر في عهد محمد علي، وبين المحاولات التي كانت تترسم خطاها في اليابان لهي موازنةٌ ذات مغزًى عميق لمن يتدبرها، ولا شك أن العامل الأساسي الذي ساعد اليابان على أن ترقى بصناعتها في خلال نصف