العقول المظلمة الكسولة. تعريب العلم خروجٌ بنا من كهفنا التاريخي، وحلٌّ لكل ما نعانيه من مواتٍ واستنامة وانكفاء، العلم حق، وتعريب العلوم بمثابة جيشٍ من جند الله الحقيقيين كفيل مع الزمن بدحر قوى الظلام في عقولنا دون إراقة نقطة دم واحدة، لماذا لا نجرب هذا الحل؟
يسيء الظن بالعربية من يخشى على العربية من لغة العلوم، العربية لغة شديدة المرونة هائلة الجرم تتطور «من داخلها»، تهضم العلم ولا يهضمها العلم، وكل ما يتم في العربية من ترجمة أو تعريب هو رصيد يضاف إلى العربية ويثريها، ويفتق فيها عوالم جديدة، وينقل إليها أجواءً ومناخاتٍ مغايرة، ولا ضير البتة من أخذ اللفظ الأجنبي كما هو وتعليمه العربية! أعني «تعريبه»: أي تطويعه للمقتضيات الصوتية والصرفية للغة العربية، بحيث «يستعرب» ويصبح عربيًّا ونكاد ننسى أصله الأجنبي: فنقول: «أكسجين»، «أكسيد»، «هدرجة»، «بلمرة»، «بروتون»، «بروتين»، «هرمون»، «إنزيم»، «برلمان»، «فلسفة»، «جيولوجيا»، «جغرافيا»، «بيولوجيا» … من شأن ذلك أن يحيي العربية ويضيف إليها البعد العلمي، ويبعثها من رقادها لتكون لغة حياة ولا تعود لغة موت، هنالك يتعذر على الكهفيين اختطافها واختطاف «تراثها» المجيد وإخراسه وتسخيره لخدمة الظلام والتخلف.
[(٣ - ٢) النبوءة المحققة لذاتها]
لا يزال الناعي الكاذب ينعب حتى يَصْدُق نعيه!
ثمة صنفٌ من النبوءات يتصف بصفةٍ عجيبة: أنه يصْدق إذا صدقناه!
«العربية عاجزةٌ عن نقل العلوم» - تنتمي إلى هذا الصنف، فكيف كان ذلك:
النبوءة المحققة لذاتها هي تنبؤٌ يؤدي بنفسه، على نحو مباشر أو غير مباشر، إلى أن يصبح حقًّا، فرغم أنه في البداية تحديدٌ زائف للموقف، إلا أنه يحفز سلوكًا جديدًا من شأنه أن يجعل التصور الزائف الأصلي يتحقق ويصير واقعًا، يعمل هذا الصواب الخادع للنبوءة على استتباب الخطأ ودوامه؛ لأن المتنبئ سوف يستشهد بالمجرى الفعلي للأحداث كبرهانٍ على أنه كان صادقًا منذ البداية، وبعبارة أخرى: فإن تنبؤًا معلنًا على أنه صادق (بينما هو في الحقيقة كاذب) قد يؤثر في الناس (من خلال الخوف، أو الخلط المنطقي، أو الإحجام، أو الإقدام، أو الحماس، أو الفتور، أو التشجيع، أو