للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الأستاذ محمد المبارك: «ينتقل اللفظ من الدلالة الحسية (الحقيقية) إلى الدلالة المعنوية (المجازية) نتيجة كثرة الاستعمال وتأثير مرور الزمن، فاستعماله بالمعنى الجديد في بادئ الأمر عن طريق المجاز، ولكنه بعد كثرة الاستعمال وشيوعه بين الناس تذهب عنه هذه الصفة وتصبح دلالته على مدلوله الجديد حقيقية لا مجازية.» (١) ويقول د. أحمد مختار عمر: «وعادة ما يتم الانتقال المجازي بدون قصد، وبهدف سد فجوةٍ معجمية، ويميز الاستعمال المجازي من الحقيقي للكلمة عنصر النفي الموجود في كل مجازٍ حيٍّ، وذلك كقولنا: رِجْل الكرسي ليست رِجلًا، وعين الإبرة ليست عينًا … وقد يحدث بمرور الوقت أن يشيع الاستعمال المجازي فيصبح للفظ معنيان، وقد يشيع المعنى المجازي على حساب المعنى الحقيقي ويقضي عليه، وميز بعضهم بين الأنواع الثلاثة الآتية للمجاز:

(١) المجاز الحي: الذي يظل في عتبة الوعي، ويثير الغرابة والدهشة عند السامع.

(٢) المجاز الميت، أو الحفري Fossil: وهو النوع الذي يفقد مجازيته ويكتسب الحقيقية من الأُلفة وكثرة التردد.

(٣) المجاز النائم، أو الذاوي Faded: ويحتل مكانًا وسطًا بين النوعين السابقين، والفرق بين المجاز الميت والمجاز النائم هو - جزئيًّا - سؤال عن درجة الوعي اللغوي.» (٢)

[أمثلة أخرى]

المجد: معناه الأصلي امتلاء بطن الدابة من العلف، ثم كثر استخدامه مجازًا في الامتلاء بالكرم وطيب السمعة وبُعد الصيت، وانقرض معناه الأصلي، وأصبح حقيقة في هذا المعنى المجازي.

الأفَن: هو قلة لبن الناقة، وانتقل إلى نقص العقل.

الوغَى: هو اختلاط الأصوات في الحرب، وانتقل إلى الحرب نفسها.


(١) اللغة والمجتمع، ص ٢٤ - ٢٥.
(٢) د. رمضان عبد التواب: التطور اللغوي، مظاهره وعلله وقوانينه، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط ٣، ١٩٩٥ م/ ١٤١٥ هـ، ص ١٩٢ وما بعدها.

<<  <   >  >>