(٢) عباس محمود العقاد: ساعات بين الكتب، المكتبة العصرية، بيروت - صيدا، ١٩٩١، ص ١٤٥ - ١٤٦، وهناك ما يشير، والحق يقال، إلى أن العامية كانت موجودة دائمًا منذ تاريخٍ مبكر، وكانت هي لغة الناس الطبيعية في حياتهم اليومية. يقول الكسائي (توفي عام ١٧٩ هـ): «حلفتُ ألَّا أكلم عاميًّا إلا بما يوافقه ويشبه كلامه، وقفت على نجارٍ فقلت له: بكم هذان البابان؟ فقال: بسلحتان يا مصفعان.» لاحظ أن هذا كان في القرن الثاني الهجري، وأن عبارة الكسائي بسيطة للغاية، ومع ذلك فقد اعتبرها النجار تقعُّرًا! وقد أورد الجاحظ في كتبه مشاهد كثيرة تدل على وجود لغتين: لغة العوام الطبيعية واللغة الفصحى التي أصبحت لغة الصنعة لا الفطرة ولغة الكتابة لا النطق، وقد حذر الجاحظ من الكلام مع العامة بغير لغتهم. يقول الجاحظ: إن الوحش من الكلام تفهمه الوحش من الناس، كما يفهم السوقي رطانة السوقي، وكلام الناس طبقات كما أن الناس أنفسهم طبقات (البيان والتبيين). وهناك ما يشير إلى أن العلماء أنفسهم إذا تُركوا على سجيتهم فإنهم يتكلمون لغة الناس. (انظر: المستوى اللغوي، الفصل الثاني: الفصحى واللهجات).