(الظاء والذال والثاء)، تقديم الفاعل على الفعل، الاستفهام دون حرف استفهام اعتمادًا على تغيير مواضع النبر … إلخ.
في بحثٍ بعنوان «لسان العرب اليوم» المقدم إلى مجمع اللغة العربية عام ١٩٦١، يعرض الأستاذ أمين الخولي لتاريخ الصراع بين الفصحى والعامية عبر الزمن، ويخلص إلى مواقف عملية في تقريب اللغتين وصولًا للوحدة، ومنها الأخذ من فصيح العامية وتعميم استعماله، وأخذ المجمع من الحياة وعدم الاكتفاء بإعطائها، وفي مناقشات الأعضاء للبحث يعقِّب الدكتور إبراهيم مدكور بقوله:« … لغة التخاطب تختلف نوعًا ما عن لغة الكتابة في كل أمة وفي كل حضارة … أما توحيد هاتين اللغتين فلا محل له بحال، ولا يتفق مع علم اللغات المقارن في شيء … » وفي تعقيب الأستاذ أمين الخولي على التعقيب يقول: « … الصحيح أن الفرق هو بين لغة الأدب ولغة الحديث، أما الفرق (بين لغة الكتابة ولغة الحديث) في اللغات الأجنبية فمعدوم أو كالمعدوم … » ويكفي أن يقارن المرء بين لغة فيلم إنجليزي ولغة نشرة إنجليزية ليدرك صواب الشيخ أمين الخولي فيما ذهب إليه: فليس بين عامية الإنجليز وفصحاهم فرقٌ نوعيٌّ يذكر.
[(١) تجربة من مختبر الحياة]
معيار اللهجة إمكان التفاهم: فمحك التفرقة بين اختلاف اللهجتين واختلاف اللغتين هو إمكان الفهم المتبادل، بمعنى أن صاحبي اللهجتين المختلفتين يفهم أحدهما الآخر، بعكس صاحبي اللغتين المختلفتين. إذا كان هذا هو المحك فإن لدينا دليلًا حيًّا على أن عاميتنا وفصحانا هما لغتان منفصلتان، وهو أن دارسي العربية الفصحى من الأجانب لا يفهمون شيئًا إذا أنت حدثتهم بالعامية الخالصة، يعرف ذلك كل من أتيح له هذا المشهد الطريف وتعامل مع أشخاص أجانب ممن درسوا العربية في جامعاتهم وأتقنوها. ولسوف يضطر إلى التخاطب معهم بالفصحى، حتى في أمور الحياة اليومية؛ لكي يفهموا عنه! هذه تجربة سديدة بوسعك إجراؤها في مختبر الحياة و «إعادة إجرائها» Replication كما تشاء. فهذا الأجنبي يتقن العربية الفصحى وقد درسها أكاديميًّا مثلما درسناها في مدارسنا، غير أنه، بحكم ظروفه الجغرافية، لم يعرف العامية ولم يتعرض لها قط، أي أنه خلوٌ من الازدواجية اللغوية (الفصحى/ العامية) التي نتحلى بها، إنه يمثل «الفصحى الخالصة» أو المحضة التي لا تتوافر لأي منا من حيث إننا ثنائيون تعرضنا لكل من الفصحى والعامية. مثل هذا الشخص هو وحده من يخبرنا أتكون الفصحى والعامية «لهجتين» أم «لغتين».