للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(٥) الاستعمال]

وصفةٌ شاملةٌ للإصلاح اللغوي:

نريد لغةً نستعملها لا لغةً تستعملنا.

اللغة استعمال.

وهناك وجه شبهٍ كبير بين اللغة والعملة التي يستعملها الناس في البيع والشراء (النقد/ النقود)، فالنقود، كما لاحظ ماريوباي، لا تعدو أن تكون «رمزًا» لقوةٍ شرائية تواضع عليها الناس، ليس لورق النقود (أو معدنها) بحد ذاته قيمة تذكر بجانب قوتهما الشرائية، ومن ثم فالقيمة الحقيقية للنقود هي خاصة يسبغها عليها المجتمع الذي يتعامل بهذه العملة. وكذلك الأمر في اللغة: «فقيمة اللغة في التزام أهلها بها وبطريقتها في التعبير، ورواجها بينهم، وتداولها على ألسنتهم، واحترامهم لها، وثقتهم بها في حمل أفكارهم ومعتقداتهم والتعبير عن انفعالاتهم وعواطفهم.» وبالتالي فما من لغة إلا وهي قادرة على التعبير عن أية فكرة متى قامت في نفوس أصحابها، وليس هناك معنًى لأن تكون لغةٌ ما عاجزة عن التعبير عن أي معنًى من المعاني متى قام هذا المعنى في نفوس المتكلمين بها، «فالفكرة متى قامت في ذهن الإنسان استطاع التعبير عنها بلغته إن كان متمكنًا من هذه اللغة، وعاملًا على رفعة شأنها.» (١)

حياة اللغة أن تستعمل وموت اللغة ألا تستعمل … الاستعمال يحيي ويميت.

مفتاحٌ بسيط لمشكلة العربية، ولكنه عمومي شامل يسعفنا في مجال تقعيدها، وتعليمها، والتعلم بها.

[(٥ - ١) في مجال التقعيد]

التضخم علامةٌ مرضية، هي دائمًا نتاج شيخوخةٍ ونذير موت.

تضخم القوانين في التشريع،

وتضخم الطقوس في الديانة،

وتضخم القواعد في اللغة،


(١) د. رمضان عبد التواب: بحوث في فقه اللغة، ص ٣٨٩ - ٣٩١.

<<  <   >  >>