(٢) يقول د. شوقي ضيف في كتابه «تيسيرات لغوية»: «هذه هي صيغة التعجب الأساسية التي يكثر دورانها في العربية، فيقال: ما أحسن الرياض! تعجبًا من حسنها. وقدَّر البصريون أن «ما» في مثل هذا التعبير نكرة تامة مبتدأ، بمعنى «شيء»، وأحسن فعل ماض به ضمير فاعل يعود على «ما»، و «الرياض» مفعول به منصوب، والفعل وفاعله ومفعوله خبر «ما»، ولم يوافق الأخفش الأوسط على أن تكون «ما» نكرة تامة، وقال: إما أن تكون «ما» نكرة موصوفة وجملة «أحسن الرياض» بعدها صفة لها، والخبر محذوف والتقدير «أي شيء أحسن الرياض عظيم» وإما أن تكون «ما» موصول بمعنى الذي وما بعدها صلة لها والخبر أيضًا محذوف، والتقدير «الذي أحسن الرياض عظيم»، والتقديران اللذان قدرهما الأخفش يحملان غير قليل من التكلُّف، وأَوْلى منهما الرأي السالف لغيره من البصريين القائل بأن «ما» التعجبية نكرة تامة بمعنى شيء، وتقدير العبارة السالفة معها: «شيء حسَّن الرياض»، ولا بد أن نعترف بأن هذا التقدير يحمل أيضًا شيئًا من التكلف؛ لأنه يجعل العبارة «ما أحسنَ الرياضَ» خبرية بينما هي تعجبية إنشائية، ولا ريب في أنه يُسقِط منها معنى التعجب، ولعل ذلك ما جعل الكسائي إمام المدرسة الكوفية يذهب إلى أن «ما» تعجبية ولا موضع لها من الإعجاب، فهي ليست مبتدأ كما رأى البصريون والأخفش، إنما هي حرف للدلالة على التعجب كدلالتها في مثل: «ما جاء أحد» على النفي، وإذا أخذنا برأي الكسائي في «ما» التعجبية كان الفعل الماضي بعدها لا يحمل ضميرًا مستترًا وجوبًا فاعلًا لها، بل كان فارغًا تمامًا من الضمير، فكيف تحل مشكلة هذا الفعل الذي ليس له فاعل في تقدير الكسائي لما التعجبية؟ والحل مفتاحه بسيط، هو رأي ابن مضاء في أن الفعل قد يستغني عن الفاعل لدلالته عليه بمادته، ففعل «أحسن» في قولنا «ما أحسن الرياض» لا فاعل له و «الرياض» مفعول به» (شوقي ضيف: تيسيرات لغوية، دار المعارف، ١٩٩٠، ص ٣٠ - ٣١).