إن حياة الانتساب هذه تضحيةٌ بالحياة وتنازلٌ عن الإرث ونفيٌ للذات، ووقرٌ وفقرٌ وخزي، لقد باع أصحابنا أنفسهم مجانًا وصاروا مسوخًا لا تروق أعينَ الشرق أو الغرب، واختاروا أن يكونوا أذيالًا لا عمل لها إلا التبعية، ولا مكان إلا المؤخرة.
[(٤) في ظل الفصحى]
اللغة «جِينٌ» آخر.
فكما أن الجينات شفراتٌ أو مخططات يسير وفقًا لها الكيانُ البشري جسميًّا ونفسيُّا، فإن اللغة شفرةٌ ومنظورٌ ونماذج رؤية تشكل وعينا وإدراكنا الخاص للوجود، وتحكم وجهتنا في الفكر والفعل، وطريقتنا في تصور ما هو كائن وما ينبغي أن يكون.
بهذا المعنى تكون العروبة قَرابةَ رؤيةٍ بقدر ما هي قَرابة دمٍ، وتكون الدعوة إلى الفصحى دعوةً إلى الوحدة، وإلى لمِّ الشمل، وإلى اجتماع الإخوة بعد افتراقٍ وشتاتٍ وغُربة.