للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى معانٍ تناسبها وقد تخالفها في بعض عوارضها. وهنا مجال واسع لمعاني الإعادة والاستعادة والتعويد والتعييد، ومجال واسع للتفرقة بين المعيد والمُستعيد وبين العود والمعاودة، والمعاد والمستعاد، ولا لبس في موضع لفظ من هذه الألفاظ لأنه وزن دليل على موضعه من التعبير.» (١)

لا يقارن الاشتقاق في العربية بالاشتقاق في غيرها من اللغات السامية من حيث السعة وتقسيم القاعدة وتحكيم المتكلم في التعبير عن أغراضه على حسب كل احتمال معقول، «فالاشتقاق العربي يعطي المتكلم من الأوزان بمقدار ما يحتاج إليه من المعاني المحتملة على جميع الوجوه، والمتكلم هو صاحب الشأن في اختيار الكلمة وليست الكلمة هي العبارة المفروضة عليه لأنها وضعت من أصلها ارتجالًا أو محاكاة لصوتٍ أو تلفيقًا للأجزاء من مختلف المواد، ولا يحتاج العقل المعبر صيغة للاشتقاق بعد استيفاء صيغ المصدر للمرة أو للهيئة أو للدلالة على الجمع أو الجنس المجموع، ولا احتمال لصيغة مطلوبة بعد صيغ المبالغة والتضعيف واسم الفاعل واسم المفعول والصفة الملازمة والصفة المرتهنة بالحدث والزمان. فالمتكلم المعبر هنا هو صاحب الشأن في تصريف المشتقات على حسب أغراضه واحتمالات تفكيره، واللغة قد وصلت على ألسنة المتكلمين بها إلى خلق القواعد التي يتبعها تكوين المفردات، قبل أن تعرض لهم الحاجة إلى استخدام جميع تلك المفردات أو إنشاء الكلمات المرتجلة مع كل مشاهدة تأتي للمتكلم بشيء جديد يحتاج إلى لفظ جديد.» (٢)

[(٤) الثراء الدلالي في تراكيب العربية]

الجملة في العربية فعلية واسمية، وبخلاف الشائع من أن الجملة العربية فعلية أساسًا فإن الجملة الاسمية موجودة وكثيرة الاستعمال (اللهُ يَتَوفَّى الأنفُسَ/ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ/ والعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه/ الحزن يقلق والتجمل يردع/ العبد يُقرَع بالعصا … )، «فليس تقديم الفعل على الفاعل فيها عجزًا عن التركيب الذي يتقدم فيه الفاعل على الفعل،


(١) عباس محمود العقاد: أشتاتٌ مجتمعاتٌ في اللغة والأدب، دار المعارف، القاهرة، ط ٦، ١٩٨٨، ص ١٠٠ - ١٠١.
(٢) المصدر نفسه، ص ١٠٢.

<<  <   >  >>