للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع طبيعة اللغة]

العلاقة بين الدال والمدلول علاقةٌ ضرورية، لا في ذاتها، بل في ذاتنا نحن!

ما هي العلاقة بين الكلمات والأشياء؟ بين الدالِّ والمدلول؟ بين الألفاظ وما تشير إليه الألفاظ؟

ثمة جوابان ممكنان على هذا السؤال: الأول يقول إن العلاقة بين الكلمة ومدلولها علاقةٌ طبيعية ضرورية تجعل هذه الكلمة بعينها هي المقيَّضة للتعبير عن هذا الشيء بعينه، وهي المناسبة، دون غيرها من الأصوات الممكنة، للإشارة إلى هذا المعنى المحدد؛ وبالتالي فإن أمر الدلالة (أو التدليل Signification) غير متروكٍ للمصادفة أو الاعتساف، ذلك هو «المذهب الطبيعي» Naturalism في اللغة.

والجواب الثاني يقول إن العلاقة القائمة بين العلامات اللغوية، كالكلمات، وبين معانيها هي في عامة الأحوال مسألة «عُرف» أو «اصطلاح» أو «تواطؤ» أو «مواضعة» Convention. «إن الرموز اللغوية لا تحمل قيمة ذاتية طبيعية تربطها بمدلولها في الواقع الخارجي؛ فليس هناك أي علاقة بين كلمة «حصان» ومكونات جسم الحصان، والعلاقة كامنة فقط عند الجماعة الإنسانية التي اصطلحت على استخدام هذه الكلمة اسمًا لذلك الحيوان، ومعنى هذا أن قيمة هذه الرموز اللغوية تقوم على العرف، أي على ذلك الاتفاق الكائن بين الأطراف التي تستخدمها في التعامل، وهذا معناه أن المؤثر والمتلقي متفقان على استخدام هذه الرموز اللغوية المركبة بقيمتها المعرفية.» (١) وليس هناك ما يحتم على كلمة Dog أن تعني ذلك الصنف المستأنس من الكلبيات، إنما يجعل


(١) د. محمود فهمي حجازي: مدخل إلى علم اللغة، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، ١٩٧٨.

<<  <   >  >>