للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل العاشر

ضرورة الإصلاح

نحن بين اثنتين: إما أن نُيسِّر علوم اللغة العربية لتحيا، وإما أن نحتفظ بها كما هي لتموت.

طه حسين

مستقبل الثقافة في مصر

في كتابه الذي صدر عام ١٩٥٤ يقول الأستاذ سعيد عقل: «معضلة اللغة عرضت وستعرض لكل الشعوب المتمدنة؛ لأن اللغة بطبيعتها تخلق لنفسها هذه المعضلة كل نحوٍ من ألف عام، أما مبدأ الحل فقد استخرج من الحياة: اللغة هي ما في الفم لا ما في الكتاب، ولو أن رقعة العالم الغربي، على سعتها، من اسكتلندا إلى صقلية، مضافًا إليها رومانيا، بقيت مسايِرةً عاطفيةَ الشعب وما تتوهمه من وحدةٍ لغويةٍ تربط بين أجزائه، لما كانت إيطاليا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا اليوم زعيمات العقل الغربي، ولما أطلعْنَ عباقرة الشعر والفلسفة.» (١) … «معضلتان (اللغة والتدوين) على حلهما في الشرق يتوقف إيجاد


(١) سعيد عقل: غد النخبة (الطبعة الثانية)، ضمن مجموعة أعماله الكاملة: سعيد عقل - شعره والنثر، نوبليس، بيروت، ١٩٩١، ص ١٨٥. ويضيف الأستاذ سعيد عقل إلى معضلة اللغة معضلة التدوين، قائلًا: «أما معضلة التدوين فقد عرضت وستعرض لكل اللغات التي لا حروف فيها للحركة، كالشعوب السامية جميعًا، وما حل مصطفى كمال بالحل الناجح لمجرد أنه لاتيني، ولكنه أحد الحلول الموافقة لأن الحرف الذي انتفاه ينطوي خاصة على الحروف المحركة، وإن لم يلجأ الشرق إلى أبجدية مماثلة بقيت الأنلغبائبة آفة جماهيره إلى الأبد، إذ الطريقة التي ندون بها لغتنا مبدؤها «تثقف فتقرأ» لا «اقرأ فتتثقف»؛ هذا لكيلا نذكر سوى هذه لحسنات تدوينٍ أمثل.» وقد ضربنا صفحًا عن طرح مشكلة التدوين لأننا نعتقد أن تكنولوجيا الطباعة الحديثة قد يسرت كتابة الحركات، فحلت بذلك أهم مشكلة في التدوين العربي (غياب حروف اللين القصيرة)، بل ربما جعلت التدوين العربي أيسر من غيره إذ لا يلزمنا إلا كتابة الحركات (حروف اللين القصيرة) التي تدفع اللبس، وما أقلَّها!

<<  <   >  >>