للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«في بنود الوصية نفسها»، و «على درجات الطالبة نفسها»، أرأيت إلى الالتباس؟ تراني أؤكد هنا البنود أو الوصية؟ الدرجات أم الطالبة؟ ويزداد الأمر اضطرابًا إذا تَعَقَّدَ السياق: «بنود وصية السيدة نفسها»، «درجات طالبة الدفعة نفسها»، هذه عقدة جوردية، حلها بسيط جدًّا: أن نقطع القاعدة بحد السيف، ونقول: يجوز تقديم التوكيد على المؤكد إذا حكم التعبير واقتضى الحال وساغ النغم.

جاء في «معجم الصواب اللغوي»: «جاء في نفس الوقت» فصيحة: تستعمل كلمة «نفس» للتوكيد المعنوي، وحينئذٍ لا بد أن يسبقها المؤكد وأن تضاف إلى ضميره، ويكون استعمال النفس في غير التوكيد بمعنى الذات فصيحًا، كما يكون أيضًا استعمالها للتوكيد دون أن تدخل في نطاق التوكيد الاصطلاحي «النحوي» فصيحًا، وقد أجاز مجمع اللغة المصري هذا الاستعمال مستشهدًا بما حكاه سيبويه عن العرب: «نزلت بنفس الجبل»، ويقول الجاحظ: «لا بد للترجمان أن يكون بيانه في نفس الترجمة في وزن علمه في نفس المعرفة.» (١)

وجاء في «موسوعة اللحن في اللغة»: «جئت في نفس الوقت (تقديم النفس - من ألفاظ التوكيد - على المؤكد): ورد في كلام من يُعتَدُّ بهم من العلماء، كابن جني في قوله في الخصائص (١/ ٢٩٥) «هي متعلقة بنفس تبًّا» يريد: بتبًّا نفسها، وجاء في اللسان (نفس): ونفس الشيء: ذاته، ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم: نزلت بنفس الجبل، ونفس الجبل مقابلي.» (٢)

وقد صادفت «نفس» المقدَّمة على المؤكَّد في كتابات أئمةٍ ثقات من القديم والحديث: منهم:

ابن جني في الخصائص: «إنما هو منصوب بنفس عليك … » (ج ١، ص ٢٨٤)، «لا لشيء رجع إلى نفس، أو» (ج ١، ص ٣٤٩)، «وهذا نفس الحق» (ج ٣، ص ٢٦).

د. طه حسين: «وإخضاعي إياه لنفس المُثلة» (في ترجمة كتاب ثيسيوس وأوديب لأندريه جيد، ص ١٤٨).


(١) معجم الصواب اللغوي، بإشراف د. أحمد مختار عمر، عالم الكتب، ٢٠٠٨، ج ١، ص ٦١١.
(٢) ابن جني: الخصائص، ج ١، ص ٣٤٨ - ٣٥٧.

<<  <   >  >>