الوزن في العربية هو قوام التفرقة بين أقسام الكلام، ولم تبلغ لغةٌ مبلغ العربية في ضبط المشتقات بالموازين التي تسري على جميع أجزائها، وتوفق أحسن التوفيق المستطاع بين المبنى والمعنى. بعض هذه الأوزان لا يقتصر على الإشارة إلى مجمل مدلول الكلمة، بل يشير كذلك إلى بعض تفاصيل تتعلق بهذا المدلول، الأمر الذي يمنح العربية دقةً خاصة في الدلالة والإمساك بالظلال الدقيقة للمعاني، ويتسنَّى به للكاتب بالعربية أن يطمح للتعبير العلمي الأدق والتعبير الفني الأكثر إيحاءً وأسرًا، كل ذلك ببساطةٍ وسهولة واطراد، واقتصادٍ ذهني ورفقٍ بالذهن والحافظة.
فصيغة «فِعالة» تدل على حرفة أو ولاية، مثل: حياكة، نجارة، تجارة، عرافة، خلافة، إمارة، سياسة، صناعة. وصيغة «فُعال» تدل على الأدواء، مثل: سُعال، زكام، سبات، فواق، صداع، دوار؛ وعلى الأصوات، مثل: صراخ، نباح، ثغاء، خوار، رغاء. وصيغة «فعيل» تدل على الأصوات أيضًا، مثل: صهيل، هدير، هديل، هرير، زَئير، خَرير، صَليل، نَعيق، صرير، نهيق، ضجيج، نعيب. وصفة «فعيل» تدل على الأوصاف الثابتة الملازمة للنفوس كشريف ونبيل وكبير وحقير ووَضيع وصغير. ووزن «فَعْلان» يدل على صفات من أحوال، مثل: عطشان، شبعان، ريَّان، سكران، غضبان، حران، ظمآن. ووزن «فَعول» يدل على الأدوية، مثل: اللَّعوق، والسَّعوط، والنَّشوق، والقطور والذرور. ووزن «تَفعال» يكون للتكثير والمبالغة: كالتجوال، والتطواف، والتسيار، والترداد، والتهدار، والتلعاب، والتعداد، والتهداد. ووزن «فعيلة» للأطعمة: كالعصيدة، والسخينة، والبسيسة، والنقيعة. ووزن فعللة يدل على حكاية الأصوات، مثل: صرصرة، قرقرة، خشخشة، قعقعة، جلجلة، غرغرة. ووزن «أفعل» يدل على صفات بالألوان، مثل: أبيض، أحمر، أسود، أصفر، أخضر، وكذلك على العيوب، مثل: أحول، أعور، أقرع، أعرج، أخنف. وأكثر العادات في الاستكثار على «مفعال»، مثل: مضياف، مهذار، معطار. ووزن «فعلة» من الثلاثي يدل على المرة كضرب ضربة. أما «فِعْلة» فيدل على الهيئة كجلس جِلسة (جلسة الأسد مثلًا)، و «إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة»، و «مات مِيتةً تقوم مقام النصر». وصيغة «فَعَّال» في غير المبالغة من اسم الفاعل تدل على الاحتراف أو ملازمة الشيء كالبقَّال والنجَّار والحدَّاد.
وصيغ الأفعال وأوزانها في العربية عامل من عوامل ثروة اللغة وقدرتها على الدلالة على فروق وظلال تنضاف إلى المعنى الأصلي، دون زيادة في اللفظ ومع الاحتفاظ بطابع التركيز الذي تميزت به لغة القرآن: فصيغة «فَعَّل» ترد بمعنى المبالغة، كقوله تعالى:{يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ}، {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ}، وبمعنى النسبة، مثل:«جَهَّله» إذا نسبه إلى