عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا:"أنها جزء من سبعين جزءا" وعنه أنه جزء من ستة واربعين جزءا وعن ابن عباس أنها جزء من خمسين جزءا وذلك لا يكون إلا توقيفا لا رأيا أعلم أن الله تعالى جعل الرؤيا جزء من أجزاء النبوة بشارات لأمته كما روى مرفوعا في تفسير قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بالرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له وفي الآخرة بالجنة واحتمل أن يكون الله جعلها في البدء جزءا من سبعين فيعطى من يراها وترى له الجزء من النبوة فضلا من الله وعطية ثم زاده بأن أعطاه جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة ولا يجوز أن يجعل القليل ناسخا للكثير لأن الله تعالى لا ينزع من عباده فضلا إلا لحادثة يحدثونها كما قال: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ} الآية ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولم يوجد ما يستحقون به حرمان ذلك والرد إلى قليله.
قال الطحاوي: المعني أنها الذين كان يراها ذو النبوة لأن الأجزاء هي النبوة فلم يكن غير الأنبياء مستحقين لحصة من النبوة وهو كلام عربي يعقله المخاطبون به يؤيده أنه خاتم النبيين فاستحال أن يكون قد بقي بعده من النبوة شيء وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنه لم يبق بعدي من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له". فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الباقي بعده من مبشرات النبوة هي الرؤيا التي ذكرها فدل ذلك أن الرؤيا إنما هي من مبشرات البنوة أي: مما يبشره ذو النبوة من أتبعهم على ما هي عليه لا أنها في نفسها نبوة والله أعلم.