روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه" ففيه أنه بتركه لم يصر كافرا أول مرة ويدل عليه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو على أعواد المنبر: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات" أو "ليختمن الله على قلوبهم" أو "ليكونن من الغافلين" ثم التقييد بثلاث مرات على عادة لطف الله ورحمته في تأنيه به ثلاثا ليرجع إليها ويتوب فلا يطبع على قلبه أو يتمادى في تركها ثلاثا فيطبع على قلبه وإن كان قد استحق العقاب بتركه إياها وكذا المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم آمر برجال لا يشهدون الصلاة أن يشعل عليهم بيوتهم نارا" رواه عبد الله بن مسعود صلاة الجمعة بدليل ما روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال بيوتهم يتخلفون عن الجمعة" ولأن الله تعالى بين فرض صلاة الجمعة بقوله تعالى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} ودل أن السعي إلى الصلاة بقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} فأطلق بعد الصلاة ما كان حظره عليهم قبلها من البيع ولأنه لا يسقط الفرض فيه عن أحد بفعل غيره بخلاف غسل الموتى والصلاة عليهم ودفنهم ولذا لحق الوعيد المتخلفين عنها ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم عاقبهم على التخلف باحراق بيتهم نكالا لهم ويحتمل أن يكون ذلك في وقت كانت العقوبات على الذنوب في الأموال كما في أول الإسلام ثم نسخت من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في مانعي الزكاة: "فإنا آخذوها وشطر ماله