عن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف في المسجد الحرام, فقال:"فأوف بنذرك" ليس فيه ذكر نذر عمر ما كان فروى عنه أنه كان نذر اعتكاف ليلة في المسجد الحرام فاحتج بذلك من ذهب إلى إجازة الاعتكاف بلا صيام وروى عنه أنه كان نذر اعتكاف يوم فتكافأت الروايتان فسقط الاحتجاج وروى عن ابن عباس وابن عمر وعائشة أن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم.
وعن أبي سهيل قال: اجتمعت أنا وابن شهاب عند عمر بن عبد العزيز وكان على امرأتي اعتكاف ثلاث في المسجد الحرام فقال ابن شهاب لا يكون الاعتكاف إلا بصيام فقال عمر بن عبد العزيز أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا, قال: أفمن أبي بكر؟ قال: لا, قال: أفمن عثمان؟ قال: لا, قال أبو سهيل: فانصرفت فوجدت طاووسا وعطاء فسألتهما عن ذلك فقال طاووس: كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صياما إلا أن يجعله على نفسه قال عطاء ذلك رأيي فعلم بهذا أن مما تكافأت فيه الأقوال فوجب أن يرجع في مثله إلى النظر فهو الذي يقضي بين المختلفين فوجدنا من ذهب إلى تجويزه بغير صوم ومنهم الشافعي استدل بأن المعتكف يدخل عليه الليل وهو معتكف مع أنه لا صوم في الليل فليس الصوم لازما له ولكن لمانعيه وهم أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأصحابه والثوري وأصحابه أن يقولوا كما لا ينتقص الاعتكاف بعد صحته بالخروج من المسجد لحاجته فيصير في الطرقات والمنازل التي لا يصلح له الاعتكاف فيها لا ينتقص بدخول الليل عليه وإن لم يصلح للصوم فيه بجامع الضرورة وهو أنه لا بد له من قضاء الحاجة ودخول الليل عليه مع أن الخروج بفعله ودخول الليل لا بفعل.