عن النبي صلى الله عليه وسلم:"البذاذة من الإيمان". وعن أبي رجاء خرج علينا عمران بن حصين عليه مطرف خز لم أره عليه قبل ولا بعد فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى أثر نعمته عليه" الحديثان غير مختلفين لأن المراد بالبذاذة هي التي لا تبلغ بصاحبها نهاية البذاذة التي لا يعرف بها ذو النعمة من غيره والمراد بالحديث الذي بعده على النعمة التي ترى على صاحبها ليس مما فيه الخيلاء ولا السرف ولا الذي يذم لألبسه فاللباس المحمود هو البذاذة التي لا بذاذة أقل منها واللباس الذي لا يدخل به صاحبه في أعلى اللباس فيكون فاعل ذلك داخلا في معنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} قال الثوري: البس من الثياب ما لا يشهرك عند الفقهاء ولا يزرأك به السفهاء.
وعن الأحوص عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قشب فقال: "هل لك من مال"؟ قلت: نعم قال: "من أي المال"؟ قلت: من كل المال من الإبل والخيل والرقيق والغنم قال: "فإذا أتاك الله عز وجل مالا فلير عليك"، ثم قال: هل ينتج إبل أهلك صحاحا آذانها فتعمد إلى الموسى فتقطع آذانها فتقول: هذه بحر وتشقها أو تشق جلودها فتقول: هذه صريم فتحرمها عليك؟ قال: نعم قال: "فإن ما أتاك الله حل وساعد الله عز وجل أشد من ساعدك وموسى الله أحد من موساك"، فيه أنه كان مشركا ولم يكن أسلم يومئذ وفي قوله:"إذا آتاك الله مالا فلير عليك" مع أنه مشرك ليعلم أولياء الله أن لا مقدار للدنيا عند الله وليعلموا أنها ليست بدار جزاء إذ لو كانت كان المؤمنون بذلك أولى وإنما جزاء الموحدين في الآخرة يؤيده قوله تعالى: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} الآية وليكون المخاطب يعلم ما آتاه الله مما قد منع مثله غيره ممن هو على دينه فيكون ذلك سببا للشكر على ذلك بما يحمده منه من دخوله في الدين الذي دعاه إليه ومن تمسكه بما خلقه لأجله