وروى عن ابن عباس قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم الخفين فسئل أقبل المائدة أو بعدها؟ فقال: والله ما مسح بعد المائدة ولأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح عليهما ولا تعلق لمانعه" فيه لأنه صح قبل نزول المائدة وليس فيه نهي عن ذلك بعد النزول ونفي ابن عباس محمول على عدم رؤيته بنفسه واختياره بترك المسح في خاصته لأنه من قوم قد اختصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الناس بثلاث اسباغ الوضوء ومنع أكل الصدقة ومنع انزاء الحمار على الفرس فيكون المسح عنده لغيره من الناس باقيا على حكمه كما كان له أيضا غير أن لزوم ما اختصه به رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى به من غيره يدل على هذا ما روى عنه أنه سئل عن المسح على الخفين فقال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة" والذي يصحح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه بعد نزول المائدة أن جرير قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه فقالوا: بعد نزول المائدة فقال: إنما أسلمت بعد نزولها وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح إلا بعد ما نزلت.
وما روى من إسلامه قبل وفاته بأربعين يوما لا يكاد يصح لأن بعثه صلى الله عليه وسلم إياه لتخريب ذي الخلصة وكان بيتا في خثعم يسمى الكعبة اليمانية معه مائة وخمسون فارسا من أحمس ودعاءه له بقوله: "اللهم اجعله هاديا مهديا" وضربه بيده على صدره ليثبت على الخيل ثم انطلاقه إليها وتحريقها وتركها كأنها جمل أجرب مشهور يدل على قدم إسلامه وكذا قوله صلى الله عليه وسلم له في حجة الوداع استنصت الناس ثم قال: "لا ترجعوا بعدي كفارا