روى عن أبان بن عثمان بن عفان قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" ذهب بعض العلماء إلى أن عدم الجواز لنفسه لا لغيره لإحرامه الذي هو فيه مما الجماع فيه عليه حرام وهو مذهب الشافعي وكثير من أهل الحجاز ومالك غير أنه قال عنه ابن وهب يفرق بينهما ويكون تطليقة وروى ابن القاسم عنه أنه يفرق بينهما ويكون فسخا ويلزمه إزالة الملك المحترم من مالك البضع بغير ما يزول به من طلاق باختيار وذلك لأن هذا العقد إما أن يوجب ملك البضع أو لا فإن كان فلا معنى لطلاق لا يريده مالكه وإن لم يكن ملك امتنع الطلاق لعدم محله وكذلك الفسخ لأنه يقتضي سابقه انعقاد معتبر وليس فليس وقال بعض محمل النهي هو الكراهة لأنه وسيلة إلى الرفث المحرم في إحرامه ويدل عليه ما روى عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم.
وما روي عن يزيد بن الأصم أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهي خالته وهو حلال لا تعارض روايته رواية ابن عباس ولا تقاربه وقد روى عن عائشة موافقتها لابن عباس من غير اضطراب عنهما في ذلك وكذلك أبو هريرة وافقهما.
فإن قيل: روى عن أبي رافع أن تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة كان وهو حلال قلنا: هذا الحديث رواه مطر الوراق عن ربيعة وقد رواه عن ربيعة من هو أحفظ منه وأثبت وهو مالك بن أنس حدث به عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عيه وسلم بعث أبا رافع ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة ابنة الحارث وهوبالمدينة قبل أن يخرج فعاد الحديث بذلك موقوفا على سليمان بن يسار بغير تجاوز عنه إلى أبي رافع فخرج من أن يكون حجة لمن يحتج به في هذا الباب.