روي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج بني النضير جاءه أناس منهم فقالوا: يا نبي الله أنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضعوا وتجلوا" بنو النضير هم إشراف اليهود وكانوا ينزلون المدينة ونساء الأنصار في الجاهلية إذا أردن تهويد أبنائهم هودنهم فيهم كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: كانت المرأة تحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء الانصار فقالت الأنصار: يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} الآية يعني فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام وهم خلاف يهود خيبر الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملهم عليها بشطر ما يخرج نخلها وأرضها وأقاموا على ذلك حتى أجلاهم عمر.
فاختلف أهل العلم في إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع بعض الديون الآجلة وتعجيل بعضها فعند ابن عباس وزفر وأحد قولي الشافعي جاز ذلك وكرهه بعضهم منهم عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأبي يوسف ومحمد لأنه يجوز أن يكون ذلك قبل تحريم الربا فلما حرم الربا حرمت أسبابه ثم الوضع إن كان بشرط التعجيل فواضح أنه كالربا المحرم إذ في الجاهلية كان من عليه الدين العاجل يدفع إلى رب الدين من ماله على أن يؤخره إلى أجل يذكرونه فمثل ذلك في المعنى وضع البعض لتعجيل الباقي وإن لم يكن التعجيل مشروطا ولكنه على وضع مرجوله التعجيل فهو مكروه غير محكوم بإبطاله كما يكره القرض الذي يجر منفعة ولا يحكم بإبطاله.