روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على الجهينية التي رجمها بإقرارها على نفسها بالزنا ولم يصل على ماعز المرجوم بإقراره أيضا والمعنى فيه أن من سنته الصلاة على المحمودين لا على المذمومين كالغال وقاتل نفسه وما أشبههما والجهنية حمدت لأنها جادت لله بنفسها لإقامة الحد عليها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت لله بنفسها" جوابا لعمر أو على حين قال له: أتصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟.
وأما ماعز فلم يجد لله بنفسه وإنما جاءه وهو يرى أنه لا يفعل به ذلك دل عليه قوله لما وجد مس الحجارة صارخا يا قوم ردوني إلى رسول الله فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي أخبروني أن رسول الله غير قاتلي فلم ينزع عنه حتى قتل فهروبه دل على رجوعه عن إقراره أو إعراضه عن إقامة الحد عليه وهو مذموم في الحالين وما روى في حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هروبه قال له خير أولم يصل عليه فدل أنه كان محمودا عنده معارض بما روى أبو سعيد الخدري فسبقنا إلى الحرة فأتبعناه فقام لنا فرميناه حتى سكت فما استغفر له الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبه ويحتمل أن الحمد له لم يكن إلا بعد أن فات وقت الصلاة لمعنى حدث في أمره من رحمة لحقته من الله وعلم بوحي أوحى إليه أو رؤيا رآها دل عليه ما روى عن بريدة أنهم لبثوا بعد رجم ماعز يومين أو ثلاثة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال:"استغفروا لماعز" فقالوا: أغفر الله لماعز؟ فقال:"لقد تاب توبة لو قسمت بين مائة أو بين أمة لوسعتهم" وما روى أنه قال موصولا بانصرافهم من رجمه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحضر رجمه ثم كان هذا القول منه بعد وقوفه على حقيقة ما صار إليه من العفو عنه.