عن أبي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقرأ القرآن عليك" قال: قلت: سماني لك ربك عز وجل قال: نعم فقرأ علي {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ، بالتاء جميعا أي: بعض القرآن لا كله يؤيده رواية قتادة عن أنس أنه لما قال: الله سماني لك قال: "الله سماك لي" فجعل أبي يبكي قال قتادة: نبئت أنه قرأ عليه {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} وهذا كما يقال: سمعت القرآن أي: بعضه وقال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} ومن قرأ شيئا منه مأمور بالاستعاذة ولا وجه لإنكار منكر بأن القارئ يقرأ على من فوق رتبته ليأخذ عنه لحاجته إليه لأن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ليوقفه على ما يقرأ عليه حتى يكون آخذا له من فيه كقراءة الشيخ الحديث على من سمعه منه وعن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن اقرئك" قال أبي: وقد ذكرت عنده قال: نعم، فاغرورقت عيناه وجعل يبكي، وفي رواية عبد الرحمن بن ابزي عن أبي أن الله أمره أن يقرئه سورة من القرآن لا أن يقرأ عليه القرآن.
فإن قيل: فهل لأحد من الصحابة من الرتبة في القرآن مثل ما لأبي منها؟ قلنا: لعبد الله بن مسعود زيادة على ما وجدناه لأبي وذلك ما روي عن أبي ظبيان قال: قال عبد الله بن عباس: أي القراءتين تقرأ؟ قلت: القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد قال: بل هي الآخرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن على جبريل في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين فحضر ذلك عبد الله بن مسعود فعلم ما نسخ وما بدل فكان فيه حضوره لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل ونحن نحيط علما أن تلك المرتبة لم يبلغها ابن مسعود إلا بأمر الله عز وجل إياه أن يبلغه إياها.