روى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لنسائه:"هذه الحجة ثم عليكن بظهور الحصر" وكن يحججبن غير زينب وسودة تقولان لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي واقد الليثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع:"هذه حجة الإسلام ثم ظهور الحصر" فزعم زاعم أن عائشة كان سبب تركها للقصر في أسفارها بعد النبي صلى الله عليه وسلم ما كان من قوله لهن: "عليكن بظهور الحصر" وهو تأويل فاسد لأن عائشة رضي الله عنها كانت أعلم بالله وأحكامه من أن تخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وتترك القصر من أجل ذلك بل إنما تركته لأنها كانت لا تراه واجبا على أحد أو كانت تتأول كما تأول عثمان آنفا وكان تأويلها أنها أم المؤمنين فحيث ما حلت فهو دارها لأنها ما كانت تنزل إلا عند أولادها فكانت تعد نفسها مقيمة كما عد عثمان نفسه مقيما بمكة لما تأهل بها ثم الوجه في خروج بعضهن إلى الحج بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم لهن ما في هذين الحديثين وترك الخلفاء الانكار عليهن والله أعلم أنه قد روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: "جهادكن أو حسبكن الحج" وإنها قالت: يا رسول الله ألا نخرج نجاهد معكم فإني لا أرى عملا في القرآن أفضل منه؟ قال:"لا إن لكن أحسن الجهاد وأجمله حج البيت حج مبرور".
يعلم منه دوام الحج لهن كدوام الجهاد فاحتمل أن يكون ذلك بعد الحديثين الأولين فوقفت على ذلك هي ومن سواها فأطلق لها ولمن وقفت على ذلك الحج ولم تقف على ذلك سودة ولا زينب فلزمتا الحصر وكلهن رضوان الله عليهن على ما كن عليه محمودات وكذلك الخلفاء وسائر الصحابة رضي الله عنهم في تركهم الخلاف عليهن محمودون لعلمهم ما علموا